فهد بن جليد
فطر مبارك، تقبل الله من الجميع صيامهم وقيامهم، لا أعرف من أين جاءتنا ثقافة قصر فرحة العيد على النساء والأطفال فقط، فهم من يلبسون الجديد ويفرحون، بينما الرجال لا يُعيبهم شيء وبإمكانهم الاستمرار بتعبيس الوجوه وارتداء ذات الثياب اليومية والأمور سهالات، هذا التساهل وعدم المُبالة بالاستعداد للعيد أخرج لنا (نماذج شبابية) ترتدي ملابس رياضية أو قمصان نوم نُشاهدهم في الشارع والأماكن العامة يوم العيد، وكأنَّ هذه الفئة غير معنية بما يعيشه عموم المُجتمع من فرحة قدوم عيد الفطر السعيد، كما أنَّ المُبالغة والتكلُّف في تجهيزات العيد التي يقوم بها بعضهم مُمارسات غير مقبولة، فإنَّ التجاهل وعدم إعطاء هذا اليوم حقه من الفرح والاهتمام والاستعداد (مرفوض أيضاً)، وما أجمل الاعتدال وإعطاء الأمرحقه الطبيعي بعيداً عن طرفي المُبالغة والتجاهل.
الأمر الآخر المُقلق هو نوعية الحوارات التي نتبادلها صباح يوم العيد؟ ما أحوجنا لإضافة الفرحة والبهجة ونشر السرور من خلالها، وبعث الأمل في الأنفس في هذا اليوم، بالحميمية والاهتمام بمن حولنا وفتح مواضيع مُناسبة، وتجديد طريقة تهانينا المُعتادة عند العناق وتقبيل الخشوم، يبدو لي أنَّ عبارات التهنئة المُعلَّبة التي يتداولها كثير من الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل الهاتفية التي عجَّت بها أجهزتنا مُنذ ليلة البارحة وتضايقنا من أسلوبها المُكرَّر المعتمد على القص واللصق، لها أصل في الواقع المعاش في مثل هذا اليوم، خصوصاً عندما نتبادل وجهاً لوجه عبارات جامدة مُشابهة لها على شكل (أسلئة وأجوبة) مُحددَّة سلفاً، على طريقة (كل عام وأنتم بخير، بحيث يعتقد كل شخص أنَّه أدَّى ماعليه من واجبات وحقوق الزيارة وتبادل التهاني وصلة الرحم - كما أنَّ الصمت - يلُّف المكان بعد ذلك، وكل ينظر إلى ساعته من أجل الاستعداد للمُغادرة إلى مكان ومجلس آخر، وترديد ذات الكلمات وبذات الأسلوب، بينما الجالسون ينتظرون قادما جديدا يُكرِّرُ ذات الطريقة!.
حتى نشعر بقيمة التهنئة الحقيقية واللقاء بالعيد، وكي لانخسر فضل وأجر صلة الرحم فيما بيننا، أدعوكم للتخلُّص من هذه المُعلبات الكلامية، ولننتفض لنُظهِّر ما بداخلنا من مشاعر وأحاسيس جميلة وصادقة وحقيقية لكل من نُقابلهم، فالفتور وعدم الاهتمام بحال بعضنا البعض، وكأنَّ كل منَّا مُنكفئ على نفسه مُثقل بهمومه التي تُطارده حتى في يوم العيد، هي صورة لا مكان لها لا في الشرع، ولا في العُرف والعادة، هذا يوم فرح ولنشعر من حولنا وأهل بيتنا خصوصاً به، ومن العايدين.
وعلى دروب الخير نلتقي.