شريفة الشملان
في أيام بعيدة كانت الكتب الصريحة في تداول الجنس قليل تداولها، كما قليل تواجدها، وعادت يتداولها الكبار، لم تكن متاحة للصغار والمراهقين إلا بطرق صعبة، وكان الأهالي يفرضون رقابة شديدة على دخولها المنازل.
ولم تكن الكتب الصريحة بتناول الجنس وقفًا على زمان أو مكان، إنما كانت منذ الأزل، ونجد كثيرًا من كتب التراث تتناول هذه العلاقة بصورة واضحة وأكثرها تأتي على شكل نكات واستظراف.. ولكن كما قلت لم تكن متاحة للصغار ولا المراهقين..
في دروس الفقه أصبح الأمر أكثر وضوحًا ولكن ذلك لا يتعدى الصف، كثير من المعلمين كان يحرج من بعض أسئلة الأطفال فكان يحيلها للوالدين، ولا شك أن الوالدين يعرفان كيف يفسران للطفل بصورة يتحملها عقله الصغير ويبقى على احترمه لوالديه..
عندما صارت المجلات المتداولة تهمز وتغمز لم يكن الأطفال يصلون لها، وربما لا يدركون مغزاها أو معناها لو وصلوا.. جاءت روايات إحسان عبد القدوس، كدخول مباشر للغرف المغلقة، وتكاثرت الأقلام للوصول السريع للشهرة، لست بصدد ذكر بعضها فقد تأخذ حيزًا كبيرًا، كان الآباء يعرفون كيف يعملون ضوابط لعملية وصولها لأيدي الصغار والمراهقين.
لكن المشكلة جاءت مع التلفزيون، وهو قد لا يمكن السيطرة عليه لأسباب قد تكون عدة أجهزة في البيت الواحد، إذا تم السيطرة على واحد قد لا يمكن السيطرة على الثاني، ومنها أيضاً سوء اختيار وقت العرض من القائمين على محطات التلفزيون، وقد لا يكون للمنتج دخل في وقت العرض ولا من أي جهة أخرى غير الجهة المشترية للمسلسلات أو البرامج هي التي تحدد الوقت المناسب لعرض ما لديها، وهنا تكون المشكلة، ففي البيوت أطفال ومراهقون وعندما تكون المشاهد غير مقبولة بالنسبة للصغار فعندما تعرض في أوقات غير مناسبة يقع الآباء في حيرة.
يعرف من يعمل في محطات التلفزيون ومن يعمل في الإعلام عموماً ومن درسه توزيع فترات العرض أو النشر بحسب تاريخ وتوقيت معين وحسب رؤية خاصة، فهناك أوقات تسمى ميتة وهي التي لا يكون جمهور المتلقي إلا أعدادا قليلة، وهذه عادة آخر الليل في الأيام العادية، لا يقبل عليها وعلى شرائها المعلنون، وهناك أوقات الذروة وهي التي عادة جمهور المشاهدين أكبر عددًا، وهذه يتنافس عليها المعلنون فيكون موردًا كبيرًا على المحطات إذ تحسب بالدقيقة والجزء من الدقيقة، وهناك الأوقات التي بين بين، وعادة هذه أكبر المشاهدين من الرجال والنساء الناضجين..
أنا بمقالي هذا لا أعترض على المسلسلات التي تعرض في رمضان وإن كنت أتمنى لو خُفف منها بهذا الشهر الفضيل، ولكني أعترض على وقت عرض بعض المسلسلات التي تحوي على مشاهد غير لائقة لا بالتوقيت ولا بهذا الشهر.. وقت تجمع العائلة بعد الإفطار لشرب القهوة والشاي وهي ساعة جميلة للأسرة، يكون عرض مشاهد غير لائقة لرجل يخطئ مع امرأة متزوجة زوجة جاره.. لا يمكن أن نبلع الأم من جهة أخرى وهي تساوم أم ابنة أنجبت طفلاً سفاحاً من ابنها، وأي وجه لهذه الأم التي رمت حفيدها عند باب المسجد، والمفروض تنتهي منه ومن الفضيحة، لكنها تتبع أثره، من ثم تساوم أم الشاب على ذلك، أيضًا أطفال يلعبون دور العشاق فوق السطوح، والعجيب أن العم يجد ابن أخيه يكتب قصيدة طفولية بالحبيبة وأمامه صورتها، لا ينصحه بالاهتمام بدراسته ولكن يضحك له..
عفوًا أتكلم عن وقت عرض (العاصوف) لا عن المسلسل ذاته. وإن كنت أرى الرياض كانت أجمل وأوسع مما عرض، إذ أخذ المسلسل جزءاً ضيقًا من الرياض وأخرج كل ما فيه من غث، وترك الرياض الفسيحة التي عرفتها منذ بدايات السبعينات حتى الآن، ترك الملز والمربع وغيرهما.. وكان يجب أن يأخذ نظرة شاملة (بانوراما).
يطول الكلام والمساحة ضيقة ولكن حقيقة عرضه في وقت الذروة يجعله بالنسبة لي صعب البلع..