عروبة المنيف
رقص قلبي فرحاً على الزفات التي نظمتها إدارات المرور لنقل أخبار وصور مجموعة من النساء ساعة منحهن أول رخص للقيادة في بلادهن ونشرها في الإعلام وذلك قبل موعد السماح لهن بالقيادة، صورهن وهن يستلمن الرخص من مسؤولي إدارات المرور تثلج الصدر. لقد فرحت بتلك الرخص وكأنني واحدة منهن، ففرحهن هو فرحنا جميعاً، إنها فرحة وطن بتدشين مرحلة جديدة أصبحت فيها النساء من المحركات الهامة في عملية التنمية المجتمعية كالرجل تماماً، فعلى الرغم من الانتقادات الواسعة التي طالت بعض النساء لكونهن يشغلن مناصب ولديهن مؤهلات عالية وفرحن بالرخصة!، نقول لهؤلاء فرحتنا هي بحصولنا على حق من حقوقنا وليس بالرخصة بحد ذاتها.
لا يستقيم حال أي مجتمع بدون مشاركة نسائه، لقد تملكني شعور طاغ ٍ بعد ذلك الاحتفاء المروري بالرخص النسائية، بأننا أصبحنا مجتمعاً طبيعياً لا يختلف عن المجتمعات الأخرى في هذا العالم، فلن تكون لدينا تلك الخصوصية التي رددناها دوماً لنظهر اختلافنا عن بقية دول العالم بحرماننا من حق حرية التنقل، لقد سحب الكرت الأحمر الذي كان يحلو لبعض من المغرضين رفعه بين الفينة والأخرى بهدف التقليل من شأن المملكة في العالم لمنع نسائها من القيادة فأخرسنا أفواه الحاقدين ولن يجرؤ أحد بعد ذلك على رفع ذلك الكرت وجعله ذريعة لهجوم أو انتقاد.
الكل يترقب يوم 10 شوال التاريخي ليشهدوا تلك اللحظات من «الزفة الكبرى»، لأنها لحظات لن تمحى من الأذهان، وسيخلد اسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في منح المرأة هذا الحق، وندعو من الله أن يوفق قادة الوطن لكل خير وصلاح لينعم وطننا بالأمن والسلام والازدهار.
كلنا فخر بالطريقة المحكمة لإصدار الرخص التي طبقتها إدارات المرور وأشادت بها غالبية النساء ممن خضن تلك التجربة والتي تبدأ من لحظة التسجيل إلكترونياً إلى لحظة تهنئتها باستلامها الرخصة، ونأمل أن يستمر هذا المستوى التنظيمي بعد موعد السماح بالقيادة نظراً لحجم الإقبال على إصدار الرخص والمتوقع أن يكون كبيراً.
استوقفتني المقابلات التي أجريت مع النساء اللواتي حصلن على رخص القيادة، لقد كان من ضمن الأسئلة التي طرحت عليهن استفسار عن أول مشوار سيقمن به بعد أن حصلن على الرخصة وفي اليوم الموعود بالسماح لهن بالقيادة، لتكون الإجابات في مجملها، إما إيصال أبنائهن إلى المدارس أو أخذ الوالدين في نزهة!.
يا الله ما أعظم قلب النساء في حجم عطائه، فحتى عندما حصلت المرأة على الرخصة وسمح لها بالقيادة، لم تفكر في نفسها ومشاويرها الخاصة والتنزه وزيارة رفيقاتها في تدشين أول مشوار لها بسيارتها وعلى أرض وطنها!، بل فكرت في خدمة أبنائها وإدخال السرور إلى قلب والديها.
كلنا تفاؤل وأمل في قدرة النساء في بلادنا على تحمل مسؤولية منحها الرخصة لأنها ستثبت أنها قادرة وتستحق وبجدارة، لتصبح شوارعنا محاطة بتلك اللمسة الأنثوية الناعمة بعيداً عن الخشونة والتهور، فالمرأة تستحق كل جميل، لأنها زينة الدار وجمال الديار، هي قلب الوطن النابض بأعذب لحن وترنيمة، والتي لا تطرب إلا من يقدرها.