أمل بنت فهد
يكذب الطفل لأسباب تناسب طفولته، تناسب ضعف موقفه، تناسب قلة خبرته، تناسب مخاوفه، لذا تتعاطف معه لأنك تدرك أسبابه، لكن متى يكذب من يفترض أن نسميه كبيراً، حين يكون عالقاً في طفولته، يكبر جسده لكن عقله لايزال صغيراً، يسكنه الجبن والخوف وإن حاول التظاهر بالعكس، لإن الصدق شرط الشجاعة، والنخوة، يمارسه الفرسان كأمر طبيعي ومن صميم فروسيتهم، بينما اللصوص وقطاع الطرق يطوقهم الكذب لأنهم يسرقون.
أما السياسي حين يكذب، فإنه يضيف على جبنه الغباء، وهو الشخص الذي يحرج دولته، بل هو من يورطها بمشاكل هي الملامة عليها، لأنها سمحت للغباء أن يعتلي منبراً، ويتحدث بما يعرفه من التأليف، ولأنه غبي، سيضحك الجمهور، والعالم كله، لأن الكذب في وقتنا الحالي بات صعباً، فالمنابر ملك للجميع، ولم تعد حصراً على أحد، وبات الحصول على حقيقية المعلومة أسهل، وأسرع، وأحياناً يكفي تحليل المواقف بين الماضي والحاضر، لتدرك حجم الكذب والغباء السياسي.
على سبيل المثال لا الحصر، فإن الغباء السياسي يكرر نفس الأسطوانة التي احترقت، وما عاد لها صوت، بنفس الطريقة، حين يكذب الكاذب بأن المملكة العربية السعودية تمنع مسلماً من زيارة الحرمين! ولأنه غبي وذاكرته أقصر من جزء من الثانية، فإن العالم كله يعرف أن السعودية لم تمنع من أساء لها، وحاول إثارة الشغب، واثارة الرعب في موسم الحج، بل وصلت المحاولات الإيرانية للتفجير، وتنظيم مسيرات، استشهد فيها رجالنا البواسل، وأصيب فيها من أصيب، ورغم كل الإساءات، لم تمنع الإيرانيين من زيارة الحرمين، بقصد الحج أو العمرة، بل إنها عالجت الحقد الإيراني، بالصبر، وضبط النفس، وانشغلت بوضع الخطط الأمنية التي لا يمكن كسرها، وكل عام يمضي يثبت أن المملكة قادرة على حفظ أمنها، وقادرة على ردع العدوان، رغم التحديات فإنها قادرة وقاهرة.
لو أن صغار العقول يتعلمون من المملكة مواقف الإخاء، لو تعلموا سعودة مواقفهم بدلاً من مواقفهم المستوردة التي تعاني من ويلات المراهقة السياسية، وما تجره عليهم من سقوط كل مرة يزداد سرعة نحو القاع.
وآخر المواقف السعودية ما حدث في قمة مكة، لتضيف المملكة لرصيدها المشرف من المواقف التي تحكي قصة الوقوف مع الأخ والجار وكل من ضامه الوقت، وتحدته الظروف، دون منه، بل لأنها الكبرى التي لا تقف موقف المتفرج أمام مشاكل الآخرين، وها هي مع إمارات الخير، وكويت الطيب، تجتمع في أطهر البقاع مع أردن العروبة، ليقدم الجميع خطوة أخوية تسند بها اقتصاد الأردن الحبيب.
سعودة المواقف أن تقدم الخير ولا تنتظر رداً، أن لا تصم الآذان عن نداء الموجوع، أن تمضي في الخير والسلام ولا تلتفت لصياح وكذب الصغار، أن تصبر على الأذى وإن ردت فإن ردها حازم وحاسم.
حفظك الله يا وطني، وفي كل موقف نتعلم منك كيف تكون سعودة المواقف، ولا بأس عليك يا أردن العروبة، أزمة «وتعدي» على خير.