فوزية الجار الله
في قلبك حفنة ضوء، غصن أخضر، جذوة خير وفي ذهنك صورة لحلم ما تود تحويله إلى واقع ملموس، إلى حقيقة..
هذا بحد ذاته أمر يستحق أكثر من التفاتة، لكن كيف سيتم ذلك؟.. لمن سيقدم هذا الخير؟.. كيف ومتى وبأي وسيلة؟ هذه هي الأسئلة الأصعب والأكثر أهمية.
أن تطوف المدينة بهدف المساهمة في عمل الخير ثم يشدك منظر إنسان ما، ليكن هذا الإنسان امرأة قد تجاوزت منتصف العمر، تجلس بثيابها الرثة على قارعة الطريق، لا تتسول لكنها تقرأ القرآن، تقبل عليها، تسألها عن أحوالها، تقدم لها وظيفة براتب شهري لمدة عامين دون أن تغادر منزلها، إضافة إلى مبلغ مالي كبير مقدماً لكي تبقى في بيتها بكرامتها ولكي لا تضطر للجلوس على قارعة الطريق، تتأثر المرأة وتبكي وتغمرك بالدعوات وكلمات الامتنان، تسأل عنك وعن جنسيتك، تخبرها فتنهال عليك الدعوات بالخير الوفير، يبدو ذلك موقفاً إنسانياً نبيلاً، لكن ليس هذا هو المطلوب، ليس لأن كاميرا التلفزيون كانت راصدة للموقف الإنساني، لكن لأن الفقر وضيق الحال هما واقعان مشهودان في معظم المجتمعات والدول بدرجات متفاوتة، وحين تفعل مثل ما فعله صاحب المشهد تكون بذلك قد قدمت جزءاً بسيطاً لا يكاد يرى، بل تنقصه الاحترافية والفعالية، عملاً بالمثل القائل «لا تعطني سمكة لكن علمني الصيد».
وفي هذا السياق أتذكر الداعية الشيخ عبدالرحمن السميط الغني عن التعريف، حيث كان من أهم رواد العمل الخيري والإنساني في قارة أفريقيا، وهو مؤسس «جمعية العون المباشر».. حين سئل حول عمله ضمن لقاءاته الإعلامية المتواضعة العدد نسبة إلى ضخامة مشروعه الإنساني قال بما معناه: نحن لا نقدم عملاً إنسانياً لفرد فقط، بل نقدمه لجماعة أو مجتمع ما، مثلاً نبني مدرسة في قرية أو نحفر بئراً أو نبني مركزاً صحياً أو مسجداً لكي تكون الفائدة أكثر شمولية.. رحل الشيخ عبدالرحمن السميط إلى رحمة الله لكن لا يزال العالم بخير فهناك الكثير حين نتذكر بأن ثمة آخرين أفراداً وجماعات يسعون دائماً إلى نشر ثقافة الخير لرفع مستوى المجتمعات ولإسعاد الناس ونقلهم من ذل الفقر والحاجة والضياع إلى حياة كريمة أكثر رفعة تحفظ لهم كرامتهم وتعطيهم الأمل بحياة أكثر خصباً وحيوية وفعالية.. والأمثلة كثيرة هناك د. فوزية الدريع تقوم بجهد إنساني خيري رائع لأجل فقراء كشمير وهناك جمعيات أخرى تقدم أعمالاً إنسانية جمة لأجل بناء مجتمعات أنهكها الفقر مثل دولة (قيرغيزستان) فقد علمت أن هناك جمعيات بعضها خليجية تقول بحفر آبار المياه وإنشاء المدارس ومشاغل الخياطة لتوفير فرص العمل للأفراد رجالاً ونساء، العمل الخيري ركن هام يساهم في بقاء ونماء وتحضر الدول والمجتمعات وقبل وبعد هناك الأجر العظيم من رب العالمين.