عندما تسمو النفوس وتتحلى بالأخلاق الرفيعة تغمر القلوب السكينة وتتزين بالنوايا الحسنة وتتجلى صور المروءة والشهامة والوفاء وتتحرك المشاعر لتعبر عن مكنوناتها القيّمة ليكون الشعر مرآة تعكس ما يتمتع به الشاعر من رقي وعفة على مر العصور وليس أادل في ذلك على تناوله لما يُمثل المجتمع النظيف.
ومن نماذجه ما سطره الشعراء بقصائدهم عن الجار وحرصهم عليه وبذل الجهد في إكرامه وحمايته من كل ما من شأنه عدم إحساسه بالأمان.
يقول عنترة بن شداد:
وإني لحمَّالٌ لكلِّ ملمَّةٍ
تَخِرُّ لها شُمُّ الجبالِ وَتُزْعَجُ
وإني لأحمي الجارَ منْ كلّ ذلةٍ
وأَفرَحُ بالضَّيفِ المُقيمِ وأَبهجُ
وأحمي حمى قومي على طول مدَّتي
إلى أنْ يروني في اللفائفِ أدرجُ
ويقول مسكين الدارمي:
نَاري ونَارُ الجَارِ وَاحدةٌ
وإِليهِ قَبلي تنزلُ القِدْرُ
مَا ضَرَّ جاراً لي أجاورهُ
ألَّا يكونَ لبابِهِ سِترُ
أعمَى إِذا مَا جارتي بَرَزَتْ
حتَّى يُغيِّبَ جَارتي الخِدرُ
ويقول مفضي بن ولمان الحربي:
الله نشد يا حمود عن معرفة يوم
وحنا ثمان سنين يا حمود جيران
يا حمود يظهر لك رفيقٍ من القوم
ويظهر من الربع الموالين عدوان
وبقول بدر الحويفي:
يا ناس حق الجار يعطي جواره
ما هوب حق الجار ما ياصل الجار
ويستغرب من عدم التواصل بين الجيران فيقول:
والجار يمضي عام مازار جاره
لو المسافة بينهم خمسة أمتار
ويقول سليمان بن شريم:
احلم على الجاهل ترى الحلم مبروك
وقم للضعيف اللي من الضيم ينخاك
وادمح خطا جيران بيتك الى اوذوك
ترى القصير وحرمة الجار بحماك
ويقول رميح الخمشي:
قصيرنا ما حشمته عندنا يوم
يزيد مع زايد سنينه وقاره
اللي قزت عينه قزينا عن النوم
والشيخ ما يكتب عليه الخساره
دونه نروي كل حدّ ومسموم
نرخص عمارٍ دون كسر اعتباره