جادت حكمة قائد الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- بهدية ثمينة للوطن، تمثلت في تعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وليًّا للعهد؛ ليقود مرحلة التحول الوطني والرؤية الوطنية 2030 إلى الهدف المرسوم نحو نقلة حضارية عملاقة، تتفق مع مكانة المملكة الدولية المرموقة، وتساير طبيعة العصر المتسارع بابتكاراته وتقنياته وتحولاته، وتحقق للمواطن فرص العطاء والتفوق والإبداع.
وللحق، فقد كان اختيارًا في محله؛ فالأمير محمد -يحفظه الله- يتمتع بمهارات قيادية بارعة، أهَّلته لهذه المسؤولية الجسيمة التي تتطلب الحيوية والجسارة والإقدام.
وها هي الأيام تثبت بعد توفيق الله جدارته بهذا المنصب، وقدرته على القيادة والإدارة بفكر خلاق وإرادة قوية وعزيمة صلبة؛ إذ حقق في فترة وجيزة إنجازات حضارية وعسكرية ضخمة، حظيت بتقدير كبير وإعجاب بالغ لنوعيتها وسرعة إنجازها وحجم أهدافها، وأكسبت سموه سمعة عالمية واسعة، وعده المراقبون واحدًا من أبرز الشخصيات العالمية المؤثرة في مجرى الأحداث، كما حظي بإعجاب الطبقة الشابة التي تشكل غالبية المجتمع السعودي باعتباره ملهمًا لهم بأفكاره الخلاقة، وحيويته العملية، ونظرته الطموحة إلى آفاق المستقبل.
والشيء الجميل عند الحديث عن هذه الشخصية القيادية الفذة أن المتحدث لا يجد صعوبة في استحضار شواهد إنجازاته وعطاءاته وإبداعاته؛ فهي كبيرة كالجبال، وواضحة كالشمس، وتأثيرها منطبع في مشاعر كل متطلع إلى دولة عصرية جادة، تنبذ الجمود والكسل والتخلف عن ركب الريادة والنجاح.
وفي صدد الحديث عن إنجازات سموه الكريم تجدر الإشارة بدءًا إلى القرارات الحازمة والإجراءات العسكرية الكبيرة التي تم اتخاذها لتحصين حدود الوطن وحماية وحدته ومكتسباته وكسر الأطماع التوسعية والأفكار الأيديولوجية المنحرفة لبعض القوى الإقليمية التي تهدف إلى نشر الدمار والفوضى في البلدان العربية والإسلامية. ولعل مكمن الإعجاب في هذا المنحى يتجلى في قدرة المملكة على تكوين التحالفات وقيادتها، والانطلاق في ضوء قرارات أممية، وتسيير مجرى المعارك بأسلوب خلاق، يقتصر على خلايا الإرهاب، ويراعي سلامة المدنيين والمنشآت والمرافق العامة والممتلكات، مع مد يد الغوث ونشر الطمأنينة في المناطق المطهرة من دنس الفتن ورجس العصابات.
ثم تأتي المواقف السياسية للمملكة كشاهد على حصافة فكره السياسي، وإيمانه بأهمية الاتصال والتواصل الدولي، ووعيه المدرك للمتغيرات والتحولات التي صيَّرت العالم قرية صغيرة، تستلزم العمل بفكر ثاقب ومنهج معتدل لإحداث التأثير، واكتساب التأثر المفيد المنسجم مع مبادئ المملكة ومنهجيتها الثابتة في كل ما من شأنه نشر الخير، وتطبيق مبادئ الحق العدل والسلام، والإسهام البارز في دعم جهود العون والإغاثة والأعمال الإنسانية على كل صعيد، فضلاً عما تتمتع به من مكانة اقتصادية ودور فاعل في تحقيق التوازن الاقتصادي العالمي عبر موقعها المشرف ضمن مجموعة الدول الرائدة في قمة العشرين التي ستقام في ضيافة المملكة عام 2020م إن شاء الله كإنجاز مشرف للمملكة، وتأكيد لمكانتها وتأثيرها في القرار العالمي. وفي المجال التنموي تأتي الرؤية الوطنية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - حاملة في طياتها كل عوامل التجديد والتحديث، وبناء دولة المستقبل؛ لتؤكد مقدرة سموه الفائقة على قيادة قافلتها إلى الهدف المأمول وسط تفاعل مجتمعي واسع، وتفاؤل عريض بإحداث التغييرات الإيجابية والتحولات المفيدة، التي تجلت بوادرها الأولية في ضخ الدماء الشابة في شرايين الوطن، وتشجيع السواعد على العمل، ورسم المنهجية الدقيقة لأعمال وأنشطة الدولة، وبناء سلم الأولويات التنموية، وتطوير القطاعات المتعلقة ببناء الإنسان كالتعليم والصحة والخدمة المجتمعية، وتوفير متطلبات الشباب، وبناء المدن الذكية المبتكرة، والمدن الصناعية، وتوطين الصناعات والتجارة والمهن، وتطوير البيئة والمناطق السياحية والأثرية، وإيجاد المتنفسات الترفيهية وغير ذلك من الأفكار والمنجزات التي تعيد الإنفاق السياحي الضخم إلى الداخل، وتستقطب العوائد والاستثمارات.
كما يأتي هذا الاختيار المبارك لسموه الكريم وليًّا للعهد ليضيف - بإذن الله - مزيدًا من الطمأنينة باستمرارية الدولة القوية الناهضة، وليؤكد في الوقت ذاته عراقة الأسرة الحاكمة، وخبرتها السياسية العميقة، وقدرتها على التعامل السليم مع المتغيرات ومجريات الأحداث.
وإننا إذ نهنئ سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - حفظه الله - على ثقة المليك الغالية فإننا نهنئ أنفسنا بوجود سموه الكريم في هذا الموقع القيادي لتحقيق رؤية والد الجميع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - نحو استدامة صرح الوطن قويًّا شامخًا عزيزًا، لا تهزه الرياح - بإذن الله -.
وهمسة أخيرة في أذن الشباب: لقد وهبكم الله قائدًا فذًّا، وفارسًا نبيلاً؛ فاستثمروا قدراتكم، وشمروا عن سواعدكم لمساعدته على العبور بسفينة الوطن إلى موانئ العطاء والرخاء والازدهار.
** **
د. علي بن عبدالرحمن العنقري - وكيل وزارة الحرس الوطني