سعد بن عبدالقادر القويعي
اليوم، يخطئ راسم السياسة التركية على الاستثمار عربياً في القضية الفلسطينية؛ - ولذا - فقد جاءت دعوة الجامعة العربية تركيا إلى الكف عن «المزايدة» في القضية الفلسطينية بخطابات إنشائية، ومستنكرة - في الوقت ذاته - تصريحات وزير خارجيتها بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، باعتبار أن: «اتباع المسؤولين الأتراك لنهج إعطاء الدروس للآخرين، والمزايدة على المواقف العربية، لا يجعلنا غافلين عن حقيقة المواقف التركية، والتي تتسم في كثير من الأحيان بالاستعراضية، والخطب الإنشائية، وهو الأمر الذي أصبح مكشوفاً لدى الرأي العام العربي»؛ وليزداد - في هذا السياق - خطأ بوصلة الدور التركي بالتعاطي مع هذه المتغيِّرات، والتأثيرات المتوقّعة لها.
في عصر المزايدات الإعلامية على القضية الفلسطينية، وفي الوقت الذي تزايد تركيا على القضية الفلسطينية في عهد حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، - سواء - من خلال التصريحات، والهتافات، أو استغلالها في سياق المعارك السياسية، - وأحياناً - الشخصية؛ للتغلغل في وعي رجل الشارع العربي، والمزايدة على الأنظمة العربية، فإن استحقاقات العروبة، والإسلام تعتبر قضية القدس القضية الأولى في جميع المحافل الدولية. كما أن الإعلام العربي مطالب - اليوم - بالقيام بدوره في إبراز حقوق الشعب الفلسطيني؛ كونها قضية العرب الأولى؛ ولئلا تترك هذه القضية تضيع بين المتاجرين بها.
تبحث تركيا لها عن دور في القضية الفلسطينية، وعلى حساب دور مواقف الدول العربية، مع أن سياستها رحبت بعودة العلاقات الإسرائيلية دون مبالاة بالقضية، وإنما بربط مواقفها عن طريق تحقيق مكاسب معينة؛ مما يدل على تناقض الآليات السياسية التي تتبناها تجاه قضايا المنطقة، وأهمها القضية الفلسطينية، وهو ما يؤكّده - الأكاديمي العراقي - مثنى علي المهداوي، بأن: «المصالح القومية، وتحولات السياسة الإقليمية، هي التي تحدد موقف الحكومة التركية من الصراع - العربي الإسرائيلي -، وليست المتبنيات الأيديولوجية الإسلامية لحزب أردوغان، أو المشتركات الدينية مع العالم العربي».
بأساليب الصوت العالي، وتشويه الحقائق التاريخية، فإنني لن أنسى أبداً، أن المصلحة القومية التركية، والتوازنات الإقليمية في المنطقة، ستظل باستمرار جوهر ثابت للسياسة التركية؛ من أجل تحقيق أهدافها - الإقليمية والدولية -، - إضافة - إلى تعزيز النفوذ التركي في الشرق الأوسط، ومثل هذا التوظيف يعتبر خطيراً - بلا شك -، وغير أخلاقي، ولا إنساني، بل هي مغامرة خاسرة، وافتعالات مرجفة، وأخرى كاذبة، يجسدها الطابع البراجماتي للسياسة التركية، وتركيزها - فقط - على تحقيق المصالح الوطنية؛ وفقاً لحسابات قصيرة الأمد.