خالد بن حمد المالك
لا أحد يفعل مع أزمات الأشقاء كما هو سلمان بن عبدالعزيز؛ فهو منذ أن كان أميرًا للرياض وهو الأب الروحي لتبني أعمال الخير لكل الدول الشقيقة المتضررة؛ يدعمها بالمال، وبالشعور الوطني المتعاطف مع أزماتها، رئيسًا للجان الدعم، ومفوضًا فوق العادة للتعرف على أوجاع الشعوب، وتبني الحلول لها.
* *
وهو اليوم وقد أصبح ملكًا، وبصلاحيات واسعة، وبموقع متقدم بالمسؤولية، لا يهدأ له بال، ولا يرتاح له ضمير، إذا ما رأى دولة شقيقة تعاني من وضع اقتصادي أو إنساني أو أمني؛ إذ نجده لا يكتفي بدعم بلاده، وإنما يستثمر مكانته بين أشقائه الملوك والأمراء والرؤساء لنجدة كل دولة تمرُّ بوضع يتطلب الوقوف إلى جانبها بالمساندة والدعم.
* *
مساء أمس، ومن قصر الصفا الذي يطل على الكعبة المشرفة، وفي أطهر بقعة على الأرض، وفي أفضل شهور السنة، وأهم أيامها، كان هناك اجتماع رباعي ممثلاً بالملك سلمان، والملك عبدالله الثاني، والأمير صباح الأحمد، والشيخ محمد بن راشد؛ للنظر في دعم الأردن الشقيق بدعوة من خادم الحرمين الشريفين؛ ليكون هذا الاجتماع وهذا الدعم امتدادًا لتاريخ الملك سلمان في مواقفه الإسلامية والعربية والإنسانية.
* *
لقد مرَّ الأردن الشقيق ذو الإيرادات المتواضعة، والعجز في ميزانيته، وحيث متطلبات شعبه بازدياد، بحالة من الارتباك وعدم الاستقرار، وظهور احتجاجات شعبية اعتراضًا على الضرائب التي رأت الدولة أنها تعالج شيئًا من الأزمة الاقتصادية، وتلبي بعض طلبات صندوق النقد الدولي، فيما هي في الجانب الآخر تمس رغيف العيش بالنسبة للمواطنين الأردنيين.
* *
لم تكن الاحتجاجات في جزء منها سليمة للوصول إلى حلول تجنِّب البلاد ما يمكن أن يعرِّض أمنها واستقرارها لشيء من عدم الاستقرار، خاصة أن هناك من يستغل مثل هذا الحراك الشعبي في المشاركة لتنفيذ أجندته المشبوهة في التأثير سلبًا على الأمن في البلاد، لكن تفهُّم العاهل الأردني، ورئيس الوزراء المكلف، وموقف مجلس النواب، ومجلس الأعيان، وتفهُّم السواد الأعظم من المتظاهرين لخطورة الانسياق وراء المظاهرات، أمكن الوصول إلى أفكار إيجابية أعادت إلى الشوارع والميادين هدوءها المعتاد.
* *
وحتى تصمد حالة الاستقرار في الأردن الشقيق كان لا بد من موقف خليجي، يقوده الملك سلمان لدعم الأردن؛ وهذا ما جعل خادم الحرمين الشريفين يسارع إلى دعوة إخوانه في الكويت والإمارات، بحضور الملك عبدالله الثاني، إلى الاجتماع في هذه الرحاب المقدسة للنظر في متطلبات الدعم التي يحتاج إليها الأردن للخروج من أزمته الآن، وعدم تكرارها في المستقبل.
* *
وبالقدر الذي أبداه العاهل الأردني لهذه اللمسة الحانية من الملك سلمان، ومع هذا التجاوب السريع من أميري الكويت والإمارات مع دعوة خادم الحرمين الشريفين، يمكننا القول إن أي دولة شقيقة لا يمكن أن تتعرض لمثل ما تعرضت له المملكة الأردنية دون أن يكون للملك سلمان موقف مسؤول كهذا الذي وقفه مع الأردن، ولا يمكن أن يكون لدول الخليج موقف إلا بقدر ما عبَّروا عنه من تجاوب مع الأزمة الأردنية استجابة لدعوة الملك سلمان.
* *
أكتب هذا الكلام قبل ساعات من بدء عقد القمة الخليجية - الأردنية، وقبل الإعلان عن تفاصيل ما جرى في الاجتماع، لكني على يقين بأن ما سيتم الإعلان عنه سيكون في مستوى آمال وتطلعات أهلنا في الأردن، وأن الدعم الذي سيقدَّم للأردن سيكون بمنزلة البلسم الشافي لجراحها النازف الآن وفي المستقبل.