د. محمد عبدالله العوين
دأب كثيرون على إلقاء كثير من الملامة أو العتاب أو الاتهام بسبق الترصد أو الجهل على عدد من وسائل الإعلام العربية أو العالمية، وعلى بعض الكتَّاب العرب أو العجم، وعلى بعض ما ينتج في السينما أو يُدار من حوار في البرامج أو ينشر من رسوم كاريكاتير؛ بأن من يفعل ذلك يرتكب جناية تصل إلى حد الجريمة المغلظة في حق بلادنا العزيزة.
ولكل سعودي الحق في أن يعتريه الغضب ويمتلئ قلبه بالغيظ وهو يرى هذا التجني من أي كان من عرب أو غيرهم على بلاده ؛ لكن قبل أن تتمعر وجوهنا من الغضب وتنطلق ألسنتنا بالسباب على من تجنى وافترى أليس من المنطق أن نتساءل عمن يحسن أن يقع عليه العتاب فيما يشاع ويذاع من صور سلبية عن المملكة؟!
لأكن صادقاً؛ يحسن بنا ألا ننتظر أن يتحدث عنا الآخرون أياً كانوا قريبين أو بعيدين بما نحب ونراه حقاً. في غيابنا عن منصات الإعلام ومنابر الثقافة سيتحدث عنّا كثيرون؛ سواء علموا وتجاهلوا ودلسوا لغرض في نفس يعقوب، أو جهلوا وغابت عنهم المعلومة الحقيقية فتكلموا بما وصل إليهم من معلومات ناقصة أو محرّفة بحسن نيّة؛ ولكنهم وقعوا في الخطأ والتشويه؛ لنقص المعلومات أو لخطأ فيها. ألقي باللوم كله علينا نحن؛ إعلاماً وثقافة ودبلوماسية.
لم نقم بما يجب علينا من جهد في الفضاء الإعلامي؛ بحيث نتحدث إلى العالم بلغات مختلفة عبر فضائيات لها رؤية ومنهج وتدار بمهنية عالية وينفق عليها بسخاء؛ لتقدم الوجه الحقيقي للمملكة تأريخاً وحضارةً وتراثاً وأخلاقاً وأدباً وإبداعاً وإنجازاً تنموياً؛ بينما نجد الإعلام الآخر يتقصّدنا بالتشويه والتنقيص بلغات مختلفة منها العربية والفارسية والإنجليزية والفرنسية والروسية والألمانية وغيرها، ويبث المعلومة المشوّهة المحرّفة، ويدير الحوارات الموجهة إلى إحداث التأثير السلبي في نفوس المشاهدين والمستمعين، ومن ذلك وسائل الإعلام الإيرانية التي تبث بالعربية وغيرها وعددها في الفضاء ينيف على مائتي قناة، ومنها أيضاً قناة الجزيرة بالعربية واللغات الحيَّة العالمية، وتعمل قنوات إيران التي تبث بالعربية من طهران كقناة العالم، ومن الضاحية الجنوبية في بيروت كقناتي النبأ والمسيرة، ومن العراق عشرات القنوات التي تفوق الحصر على بث الأحقاد الطائفية وتشويه التاريخ العربي وطمس الصورة الإيجابية عن المملكة واختلاق صور سلبية لا أساس لها من الصحة قائمة على الأكاذيب والتحريف والاجتزاء.
بينما لا نفعل نحن شيئاً ذا بال وله قيمة في مجال الفضاء التلفزيوني بلغات العالم الحيَّة.
ونحن أيضاً لا نصدر صحافة مؤثِّرة إلكترونية أو ورقية بلغات عالمية، ولا يذهب مثقفونا ومبدعونا إلى مراكز صناعة الرأي في عواصم العالم ليقولوا لهم ما هي السعودية، ولا نترجم الممتاز من إبداعنا إلى لغات العالم الحيَّة، وسفاراتنا في عواصم الدنيا مسترخية أو شبه نائمة إلا النادر منها، ولا معارض لنا تجوب أقطار الدنيا لتري الناس الحقيقة بدون رتوش.
صوتنا السياسي عال وقوي؛ بينما صوتنا الإعلامي والثقافي خافت وضعيف إن لم يكن غائباً.