إبراهيم عبدالله العمار
الأشياء التي تكتبها أو تقولها، كم ستستمر في الوجود قبل أن تندثر تماماً؟ هل ستكون مثل ويليام ستوكلي؟
إنه جامع أثريات بريطاني عاش في القرن الثامن عشر الميلادي، كتب رسالة ذات مرة يصف فيها سور هادريان، سور بناه الرومان وسموه باسم الملك الذي بنفس الاسم الذي عاش في القرن الثاني الميلادي، فكتب ستوكلي عن سور هادريان قائلاً: «إن هذا السور العظيم لا يفوقه إلا السور الصيني الذي يشكّل منظراً مهيباً على الكرة الأرضية، حتى إنه يُرى من القمر». لكن... كلامه خاطئ! إنه زعمٌ عارٍ من الصحة صنعه رجل قبل أكثر 260 سنة ومع ذلك ما زال إلى اليوم وهو يُذكَر وكأنه حقيقة! سور الصين العظيم لا يُرى من الفضاء.
هذه مشكلة الخرافات، فهي تبدأ بدايات متواضعة ثم -مثل كرة الثلج- تتضخم شيئاً فشيئاً حتى تصير واقعاً لا شك فيه في أذهان الناس، فمن الخرافات الشهيرة أن الناس في القرون الوسطى كانوا يموتون في سن الثلاثين (بسبب الحروب والأوبئة إلخ)، لكن رغم أنهم لم يكونوا يعيشون إلى أعمار متقدمة كما اليوم إلا أن هذا الرقم خاطئ، بل الكثير عاشوا إلى الستين. وقل ذلك عن صورة محاربي الفايكينغ الذين دائماً يُصَوَّرون بخوذات حديدية ذات قرون، وهذه أيضاً لا أصل لها، وأتت من مسرحية أوبرا حديثة نسبياً.
هل نظرت إلى تمثال يوناني قديم؟ لعلك تأملت دقة نحته وانبهرتَ بتاريخه العائد إلى آلاف السنين، لكن عندما ترى تلك التماثيل البيضاء المتقنة قد تستغرب إذا عرفتَ أنها لم تكن بيضاء أصلاً، بل ملونة! واختفت الألوان بسبب الزمن والعوامل الطبيعية، لكن لا يزال لدينا اليوم تماثيل من زمن الإغريق لا تزال بألوانها، وكان اليونانيون يطلونها بألوان زاهية تجذب الانتباه.
إذا كتبت شيئاً.. أرجوك تحري الدقة.. لا نريد ويليام ستوكلي آخر لأجيال المستقبل!