فهد بن جليد
(السعر الأرخص) ليس كل شيء حتى تكسب الزبون وتضمن عودته إلى متجرك مُجدداً، مثل هذه النظريات الصادمة في فن التسويق تخبرك بأنَّ ثمَّة عوامل أخرى للحصول على رضاء وولاء العملاء، وكسب رهان المُنافسة مع منافذ البيع الأخرى، ولعل أبرزها منح العميل الأهمية والمكانة اللائقة، والاهتمام دائماً بسماع وتدوين آرائه ومُقترحاته، وسؤاله عن مدى رضائه وكيف يمكن العمل مُستقبلاً على تلافي أي أخطاء شاهدها أو شعر بها، وتعديلها من أجل راحته في الزيارة المُقبلة، هنا سيعود لك مرة أخرى، حتى لو كان هناك من يبيع بسعر (أقل منك)، لأنك منحته التقدير والخصوصية.
أكثر ما يزعجني عند الوصول إلى المطارات، أو مراجعة المُستشفيات، أو عند زيارة البنوك وما في حكمها أنَّ (أزرار) قياس رضاء العملاء، غالباً ما يتم وضعها تحت أنظار وأعين الموظفين أنفسهم - هنا عليك أن تُجامل - في اختيار (الوجه المُبتسم) حتى لو لم تكن راضياً عن الخدمة المقدمة بشكل كامل، هذا الموقف المُحرج لا ينتج عنه أبداً معلومات صحيحة وصادقة تُساعد في الجودة الشاملة لتحليل مواطن القوة والضعف، كما يأمل وينتظر صانع القرار أو المسؤول عن العمل.
قديماً كان مفتاح صندوق الشكاوى والاقتراحات بيد المُدير أو صاحب العمل، فهو يحرص على ألا يطلع أحد غيره على (رأي) العملاء ومدى رضاهم أو شكواهم أو اقتراحاتهم لتجويد الخدمة، لذا - برأيي - وبعد أن غادر صندوق الشكاوى والاقتراحات الجدران وأصبح إلكترونياً في الكثير من الوزارات والمؤسسات والبنوك وأماكن الخدمات الأخرى، على المسؤول أن يختار المكان والطريقة المناسبين لقياس مدى رضاء العملاء بالشكل الصحيح عبر وضع أجهزة التقييم في مكان بعيد عن أنظار مُقدمي الخدمة، عند باب الخروج مثلاً، كأبسط حقوق العميل للتعبير عن رأيه بكل صدق ودون مُجملة أو خوف من تعطل ما بقي له من خطوات تبعاً لنوعية الزر الذي اختاره، ومدى رضاه عن الخدمة المُقدمة، فبكل تأكيد لن تستطيع إبداء رأيك بحرية ما لم يتم تهيئة الجو والمناخ المُناسبين، لذلك النسب والأرقام التي يتم إعلانها عن مدى رضاء العملاء - لا تعكس الواقع - بالضرورة إذا تمت بالطريقة السابقة، والخوف أنَّ الجميع (العميل، والموظف، والمدير) في بعض الأماكن والقطاعات يعلمون بأنَّها (نسب) غير صادقة، ولا تعبر عن حقيقية مستوى الرضا، بل هي نوع من أنواع المُجاملة والهدر المالي - لا أكثر- على طريقة الشراء من المتجر (الأعلى سعراً)، فقط لأنّه يُظهر الاهتمام برضاء ورأي العملاء.
وعلى دروب الخير نلتقي.