ياسر صالح البهيجان
مناهج التربية الفنية في مدارس التعليم العام لا تزال تدور في فلك الحرف اليدوية والرسم التقليدي، ولم تذهب نحو الاهتمام بالفنون الأخرى كالمسرح والتصوير الرقمي والإخراج والتمثيل والفنون الشعبية، ولا شك في أن محدودية النطاق الفني في تعليمنا أجهضت العديد من المواهب الشابة، وأسهمت في غياب نهضة حقيقية في مجال الفن السعودي.
نحن على أعتاب مرحلة تاريخية جديدة تتطلب إعادة تقييم مناهجنا الفنية في المدارس، مع ضرورة بناء استراتيجية تعمل عليها وزارة التعليم لتأسيس مرافق متكاملة ومتطورة تتيح للطلاب والطالبات إمكانية ممارسة مختلف الفنون، وأهمها في نظري الفن المسرحي الذي كان حاضرًا بقوة في مدارسنا قبل عدة عقود وغاب وسط ظروف مفاجئة ودون تبرير وجيه.
الحديث عن تطوير المناهج يقودنا للإشارة إلى أهمية تأهيل معملي التربية الفنية فكريًا ومعرفيًا ليتمكنوا من صناعة أجيال من المبدعين في شتى الفنون، لذلك نحن بحاجة إلى معلمين ملهمين لديهم القدرة على اكتشاف المواهب وتنميتها وصقلها بما يسهم في إنتاج فنانين يمثلون وطنهم في المحافل الدولية، والتأهيل بنظامه السابق مليء بالقصور في جوانب متعددة، حيث يميل إلى كونه نظريًا وغير متصل فعليًا بالفنون والثقافة المحليّة، وهو ما يحتم على المؤسسات الأكاديمية العليا مضاعفة الجهود في وضع برامج تعليمية ذات بُعد تطبيقي حيّ يسهم في الارتقاء بنوعيّة المخرجات في التخصصات الفنية والثقافية، ولعل ذلك يعيدنا إلى مطالب إنشاء أكاديميات متخصصة بعيدًا عن قاعات الدراسة التقليدية.
كما يُنتظر من هيئة الثقافة تكثيف جهودها لتعزيز الوعي المجتمعي بدور الفنون في الارتقاء بمستوى جودة الحياة، عبر حملات تثقيفية تستهدف شريحة الشباب، إضافة إلى عملها على تبني المواهب الشابة وتوفير فرصة ظهورهم في فعالياتها الثقافية لترجمة ما اكتسبوه من معارف في المدارس على أرض الواقع، دون أن نغفل دور الهيئة في تنظيم المسابقات والمنافسات الفنية والثقافية على المستوى المحلي بما يكفل إيجاد دعم معنوي ومادي للموهوبين.
الفنون هي واجهة الأمم والحضارات، وهي مؤشر على مدى تقدّم المجتمعات الحديثة، لذا لا مجال للتهاون والتسويف في إحداث نقلة نوعيّة تطال منظومة تعليم الفنون. لدينا رؤية طموحة وشباب مفعم بالحيوية، لذا فإن الفن بمختلف أشكاله قادر على النمو وتجاوز حدوده الدنيا في مجتمعنا، ونحن بالإرادة والعمل الجاد سنسابق الزمن ونلحق بركب الأمم الحافلة بالفنون الجميلة.