ياسر صالح البهيجان
التنوع في خيارات الترفيه يُعد من أهم عوامل الارتقاء بمستوى جودة حياة المجتمعات الإنسانيّة، في ظل تمايز ذائقة أفراد المجتمع وثقافاتهم، فمن تستهويهم الحفلات الموسيقية قد لا تشد انتباههم المتاحف، ومن يهتمون بالتاريخ والإرث الثقافي البشري ليس بالضرورة يميلون إلى متابعة الفعاليّات الرياضية، وهذا التباين يكشف عن أهميّة إيجاد روزنامة ترفيهيّة واسعة، لتؤكد بأن الاستمتاع ليس حكرًا على فئة دون غيرها وليست ميلاً لطرف على حسب آخر.
كل فرد في المجتمع له الحق في أن يجد داخل وطنه أنشطة منظمة تناسب رغباته، وهو ما يفرض تحديًا على الجهات المعنيّة بتوفير الفعاليّات الترفيهية، وقد تجد نفسها مضطرة لإجراء استفتاءات شعبيّة تجعلها قادرة على تحديد بوصلة اتجاهاتها، وتضع رغبات السكّان في سلّم أولوياتها، لكي تسير في الاتجاه السليم وتحقق جهودها العوائد الإيجابية المرجوة.
والأهم من ذلك في نظري، هو إشراك الموهوبين من الشباب في الفعاليّات الترفيهية بدلًا من الاتجاه نحو استقدام فرق استعراضيّة من الخارج، وأجزم بأن لدنيا مئات المواهب التي لديها ما يمكن تقديمه للجمهور متى ما وجدت الدعم والتحفيز الملائم، والأمر ينطبق كذلك على التطور في الجانب السينمائي، حيث إن النجاح الحقيقي لنمو هذا القطاع يكمن في الارتقاء بمستوى الإنتاج المحلي من الأفلام السينمائية، وليس الاكتفاء بعرض ما ينتجه الآخرون على المستوى الدولي.
والنقطة التي لابد ألاّ نغفل عنها في هذا السياق، هي التكلفة الماليّة مقابل الحضور للفعاليات الترفيهية، وتفاجأت مثل كثيرين غيري عندما علمت بأن ثمة حفلة موسيقية ستُقام بتكلفة تتجاوز ألفي ريال للفرد الواحد، وهذه الأسعار لا تخدم إطلاقًا قطاع الترفيه في المملكة، إذ لابد من التفكير في جميع شرائح المجتمع، ووضع التكلفة التي تناسب الشريحة الكبرى من السكّان.
المجتمع متفائل بحجم التطورات الإيجابيّة التي طالت الأنشطة الترفيهية في الأشهر القليلة الماضية، والطموح لا يزال أكبر من ذلك بكثير، ولا أشك في أن القائمين على الترفيه بالمملكة لديهم من الاستراتيجيات الواعدة ما هو كفيل بإحداث نقلة نوعية غير مسبوقة، ولكن ما ننتظره هو مسابقة الزمن في التنفيذ، والإدراك بأن العالم يتطور في هذا المجال بطريقة مذهلة.
وأخيرًا، علينا أن نؤمن بأن الترفيه بات جزءًا رئيسًا من حركة المجتمعات المتطورة، ودليلاً على مستوى جودة الحياة فيها، ولدينا جميع مقومات النجاح في هذا الصعيد، وسننجح بمشيئة الله ما دمنا نعمل بجد وإخلاص وإرادة.