فيصل خالد الخديدي
وزارة الثقافة حلم طال انتظاره، تحقق هذا الأسبوع بأمر ملكي من الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بإنشاء وزارة مستقلة باسم وزارة الثقافة، وعُيِّن الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزيرًا للثقافة. وهو حدث كبير ومهم في تاريخ وطننا الغالي؛ فمؤسسات العمل الثقافي بحاجة إلى أن توحد جهودها تحت لواء وزارة، ترعى شؤونها، وتُظلُّ منسوبيها بمختلف أطيافهم الثقافية تحت مظلة وزارة واحدة.. فالمهام كبيرة، والانطلاق بثقافة البلد ومؤسساته لمواكبة الطموح وتنظيم الشأن الثقافي وصناعته كقوة ناعمة مؤثرة على أعلى المستويات، تواكب التطلعات المستقبلية التي تحقق الرؤية، وتضمن بقاء الأثر وصناعة ثقافية ذات بُعد اقتصادي واستثماري بهوية وطنية أصيلة ومعاصرة ومواكبة ومتطورة، هو مطلب يمكن تحقيقه وأكثر بتخطيط استراتيجي وعمل علمي منهجي دؤوب وجاد.. فالنهوض بالفعل الثقافي ليحلق في فضاء إبداعي حر ليس بالمهمة المستحيلة، وإن كانت شاقة، تنطلق ببناء قدرات المجتمع وثقافته لإدارة الفعل الثقافي، وجعله أكثر تأثيرًا داخليًّا وانتشارًا خارجيًّا بهوية مميزة ومختلفة أكثر أصالة ومعاصرة تطلعًا للمستقبل وصناعته.. فتنظيم البيت من الداخل أولى الخطوات التي تضمن كثيرًا من النجاح؛ فهي الانطلاق من قاعدة أصيلة متماسكة بأهداف وسياسات مرسومة بمنهجية علمية وخبرة عملية, فإنشاء قاعدة وأرشفة لبيانات المثقفين والمثقفات وجميع المنتمين إلى الوسط الثقافي بداية مهمة، كما أن البنى التحتية في مختلف المؤسسات الثقافية الحالية بحاجة إلى إقامة وتأسيس حقيقي، بل إن العديد من المحافظات ما زالت تفتقر إلى وجود مؤسسات ثقافية ومراكز ثقافية.. ومن المهام المهمة التي تحتاج إليها الثقافة المحلية لتفعيل الحراك الثقافي في جميع أطراف السعودية دعم المشاريع والمهرجانات الثقافية والفنية، وإقامة المؤتمرات والمعارض والملتقيات والندوات الفكرية والثقافية التي تعزز وتنمي ثقافة وطنية شاملة, وتوفير الظروف المناسبة المادية والمعنوية للمثقفين المبدعين المنتجين من خلال منح التفرغ، ودعم الجوائز التنافسية بين مختلف أجناس الثقافة. كما أن دعم النشر والتأليف والتوثيق يخلق جوًّا من المنافسة والتأصيل لهوية الوطن وأبنائه.. كل ذلك وأكثر من المهام التي تنتظر وزارة الثقافة ومنسوبيها، وهي قادرة على ذلك وأكثر بقيادة وزير الثقافة الشاب الأمير بدر.