سعد بن عبدالقادر القويعي
موافقة مجلس الوزراء على نظام مكافحة جريمة التحرش، المكون من ثماني مواد، وذلك في أعقاب موافقة مجلس الشورى على النظام، شكّل إضافة مهمة جدا لتاريخ الأنظمة في المملكة؛ إذ يعتبر انتهاجا للسياسة الوقائية التي ستمكن المجتمع من تجاوز مخاطر هذه الجريمة؛ وحتى تقوم الحياة الإنسانية على أساس الأمن، والطمأنينة، والأمان؛ نظراً لما تشكله جريمة التحرش من خطورة، وآثار سلبية على الفرد، والأسرة، والمجتمع؛ ما يستدعي الصرامة القانونية في التصدي له، وضرورة التوعية به، والعمل على مواجهته.
وحتى لا تتوه بنا الدروب، وتتعدد الاتجاهات، فإن جريمة التحرش مفردة مقززة، تحمل معها قدرًا كبيرًا من المشاعر السلبية، -إضافة- إلى كونه ملفا من الملفات الكبرى الصامتة؛ لتضمنها مجموعة واسعة من السلوكيات التي يصعب وصفها؛ باعتبارها جريمة تستنكرها جميع الأعراف، والقوانين، وتدينها جميع النظم المناصرة للكرامة البشرية، -خصوصًا- وأن الشريعة الإسلامية تعد الحفاظ على العرض من ضرورياتها الخمس، وتعاقب العقوبة المغلظة من يلج فيه، فما بالك إذا كانت تلك الحقائق السابقة، تخضع لثقافة نظام مجتمعنا المحافظ على دينه، وعوامل الضبط فيه، والنظام التربوي السائد فيه!
بقي القول؛ إن جريمة التحرش آفة من آفات العصر، ونازلة من النوازل التي تحتاج إلى دراسة فقهية مقارنة، تجمع ما تناثر من جزئياتها؛ -ولذا- فإن وجود نظام يبين الفعل الانحرافي الذي يقوم به الفرد، أو الامتناع عن الفعل المعاقب عليه، وتحديد الجزاء المقرر له من عقوبة، هو ما يعرف بـ«الركن الشرعي» الذي سيضفي الصفة النظامية للجريمة، وإذا قام الجاني بارتكاب الأفعال التي يرى المشرع النظامي بأنها جرائم تمس أمن، واستقرار المجتمع، ومن ضمنها: جريمة التحرش، مع مراعاة قصده، فقد تحقق الركنان «المادي والمعنوي» -حينئذ-؛ ولأن التحرش بات أحد أشهر عناوين وسائل الإعلام العالمية؛ كونه جريمة منتشرة في كافة أنحاء العالم، فإن إقرار نظام مكافحة جريمة التحرش، وتحديد العقوبات اللازمة في السعودية، سيحد كثيرا من الأقوال، والأفعال المشينة التي كانت ترتكب.