محمد بن عيسى الكنعان
يغلب ظني أن المثقفين بجميع فئاتهم ومشاربهم أكثر المواطنين سعادةً بالأمر الملكي الكريم، القاضي بإنشاء وزارة الثقافة، ونقل المهام والمسؤوليات المتعلقة بنشاط الثقافة إليها. فهذا الأمر الكريم جعل حلم المثقفين -بمشيئة الله- حقيقة على أرض الواقع السعودي بهذا الكيان الوزاري الجديد، الذي من خلاله يستطيعون الإسهام في خدمة الوطن، وتحقيق أهدافهم الثقافية بما يتفق مع تطلعات القيادة الحكيمة، خاصةً في ظل التحول الاستراتيجي الكبير الذي تعيشه المملكة من خلال رؤية السعودية 2030. فالثقافة تعتبر إحدى أهم الواجهات الحضارية لأي بلد، ويكفي أن نشير إلى معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي يعد أحد أبرز المعارض الإقليمية والعربية، وسجل حضوراً دولياً لافتاً في سنواته الأخيرة. أضف إلى ذلك ما تتميز به المملكة من تنوع ثقافي عريض على مستوى مناطقها يدعمه إرث تاريخي وحضاري عريق، فضلاً عن المكانة الدينية المرموقة التي تتبوأها المملكة في عالمنا الإسلامي.
في المقابل؛ يأتي إنشاء وزارة مستقلة للثقافة عوناً ودعماً لوزارة الإعلام، التي تكفلت بالهمّ الثقافي لفترة طويلة، وقد حان الوقت ليكون تركيزها أكبر على مهامها الرئيسة المتعلقة بالشؤون الإعلامية بكل تفاصيلها وأبعادها المحلية والإقليمية والعالمية، في ظل ما يعيشه العالم من تقلبات واستقطابات ونشاط إعلامي شديد، وبالذات في منطقتنا العربية والشرق الأوسط بشكل عام، خصوصاً أن المملكة تتعرض أحياناً لتقارير كاذبة وأخباراً ملفقة وحملات إعلامية قذرة من قبل مؤسسات إعلامية عربية وشرق أوسطية وعالمية، مدعومة من قبل دول إقليمية كإيران والنظام القطري، أو من بعض الجهات والجماعات والأحزاب المتطرفة بالمنطقة العربية، ممن يملك قنوات تلفزيونية، أو ينشط في مواقع التواصل الاجتماعي، أو له علاقة بصحف ومنظمات غربية. إضافةً إلى دور وزارة الإعلام المهم في تعزيز كل التوجهات الخاصة برؤية المملكة 2030 عالمياً.
وما بين الشأن الثقافي، والنشاط الإعلامي يقف كُتاب الرأي، فهم في طبيعة الحال مثقفون، بحكم خلفياتهم الثقافية وتصوراتهم المعرفية وتجاربهم الحياتية، ولكنهم بالممارسة والعطاء والصداقة مع الحرف والقلم هم إعلاميون. وبنظرة سريعة لعدد من الكُتّاب نجد أكثرهم مثقفون بالأساس، رغم أن ميدانهم الفعلي هو الإعلام. وبالتالي نحن أمام حالة خاصة تذكرنا بالأيام الأولى لهيئة الصحافيين عندما تردد السؤال: من هو الصحافي؟ لذا؛ فكاتب الرأي ليس محرراً صحافياً فينتسب للإعلام بشكل كامل، وليس مثقفاً خالصاً فينتسب للثقافة بشكل كامل. إنما مجاله الإعلام وأدواته الثقافة بكل تجلياتها. وعليه؛ فكل كاتب هو مثقف بالضرورة وليس العكس.