د. فهد صالح عبدالله السلطان
لا أعرف مجتمع آخر خلاف المجتمع العربي وربما الخليجي بخاصة يقيم الأشياء بحسب سعرها ويعتبر السعر دلالة على الجودة. تتجلى هذه الظاهرة في المجتمع النسائي بشكل ملفت. ومن المفارقات العجيبة أن شركات العلامات التجارية للمستلزمات النسائية دأبت على رفع سعر السلعة عندما لا تجد رواجا إيماناً بأن ذلك سيسهل عملية تسويقها وبيعها. على عكس المفاهيم والمبادئ الاقتصادية والتجارية المعروفة.
الآن ونحن على أبواب الإجازة الصيفية والتي تكثر فيها الحفلات وأفراح الزيجات والاجتماعات والسفر.... إلخ، تتحرك فيها أنشطة البيع والشراء خاصة فيما يتعلق بالمستلزمات النسائية. وتتسابق فيها بعض السيدات إلى اقتناء كل ما هو جديد مستندة في عملية الشراء على معيار سعر السلعة لا جودتها. وكأن سعر السلعة هو الذي يعكس قيمتها بصرف النظر عن جودتها.
لم يعد خافياً على الجميع ميول شريحة كبيرة من المجتمع نحو الاستهلاك الترفي.. فعلى سبيل المثال، تشير بعض الدراسات المسحية إلى أن معدل تكاليف أفراح الزواج على الاقتصاد الوطني في المملكة تصل إلى 450 ألف ريال للعرس الواحد. وأعتقد أن الرقم متحفظ جداً خاصة عندما نأخذ في الاعتبار كافة عناصر التكلفة الاقتصادية الكلية للمناسبة بما فيها من ملابس نسائية وأدوات زينة ومستلزمات الفرح وغيرها.
في الواقع فإننا نستنزف الكثير من مدخراتنا بسبب السلوك الترفي للبعض. نحن أحوج ما نكون لرفع وعي المسؤول الحكومي والمستهلك على حد سواء بقيمة الموارد الطبيعية المحدودة وضرورة ترشيد استهلاكها. ورفع وعي المواطن بتبني السلوك الادخاري والاستثماري بدلاً من الاستهلاك الترفي.
وباختصار، وحرصاً على مستقبل الأجيال القادمة، فإنني آمل أن نقف مع أنفسنا على كافة المستويات:
1- الحكومي: اتخاذ خطوات عملية وجادة لترشيد تكاليف الإنشاء والتشغيل والحد بقدر الإمكان من الاستهلاك الترفي. ولنا في خطة يوسف الاقتصادية عليه الإسلام قدوة حسنه.
2- المجتمع:. التوعية بنبذ السلوك الاجتماعي الذي يجل الترف والبذخ في المأكل والملبس والمركب والمسكن، والأخذ بالمنهج الرباني الذي ينبذ التبذير والإسراف.
3- الأفراد: التوعية بتغليب نهج الادخار على حساب الاستهلاك الترفي.
والله الهادي إلى سواء السبيل،،،