محمد بن عبدالله آل شملان
في مسيرة الحياة تكون محتاجاً دائماً إلى ثوابت وأسس تندفع مواقفك من خلالها، وإلى منائر كفنارات السفن ترشدها إلى طرق الأمان والسلامة، كي تعرف أين موقعك وكيف يكون أسلوبك مع ما سيواجهك في مقتبل الأيام.
وتلك الأسس والثوابت التي تحرِّك سلوكيات الفرد تمحو الكثير من الإبهام والإخفاء والحيرة في تعامله مع كل ما يواجه في حياته وترتاح إليها نفسه، ومن الأهمية بمكان أن تكون هناك دلائل شاهدة على صدق هذه المبادئ العقلية التي تحكم الأسس السلوكية، ولم تمكث عند الفواصل التنظيرية التي لم تمتحن على أرض الواقع وفي دنيا الناس ومع ما تقابله من تبدّلات وتحوّلات تمتحن صلابتها يوماً بعد يوم.
لأجل ذلك كله فإني أصدقكم القول بأنني أجد نفسي بين الحين والآخر منجذباً لأقوالٍ لمؤسس هذا الوطن الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وأقوالٍ لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله-، أتاح لي التاريخ والواقع الإحساس والتأثر بها من كلمات تلاها أفعال مازالت باقية في الذاكرة وشاهدة على رسالة الأقوال المربوطة بالأفعال في أبواب المحبة والإنسانية والعطاء والخير التي هي من ثوابت قيام وحركة وطننا الكبير (المملكة العربية السعودية).
يقول الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه- «:أنا وأسرتي وشعبي، جند من جنود الله، نسعى لخير المسلمين».
ويقول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله-:»إن الإسلام هو دين السلام والعدل، والإخاء والمحبة والإحسان، وما يشهده العالم الإسلامي اليوم في بعض أجزائه من نزاعات ومآس وفرقة وتناحر يدعونا جميعاً إلى بذل قصارى الجهد لتوحيد الكلمة والصف، والعمل سويا لحل تلك النزاعات وإنهاء الصراعات، والمملكة تؤكد حرصها الدائم على لم شمل المسلمين ومد يد العون لهم، والعمل على دعم كل الجهود الخيرة والساعية لما فيه خير بلداننا الإسلامية».
من هنا يمكن القول بأن المملكة العربية السعودية استطاعت، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- ومن خلال المتابعة الحثيثة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أن تمثل نموذجاً للعطاء الإنساني، ما يرسخ أنها سائرة بثبات على طريق، مؤسس كيانها وباني نهضتها، المغفور له -إن شاء الله تعالى-، الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- عندما حصدت المراكز المتقدمة في العطاء الإغاثي والمنح الإنسانية في الأعوام السابقة، على الصعيدين الإقليمي والدولي، وذلك من خلال تبنيها نهجاً في العطاء، ينطلق من منطلقات وثوابت واضحة الرؤى، ذات خصائص إنسانية وأخلاقية.
محافظة وطننا الكبير (المملكة العربية السعودية) على مكانه اللائق به عالمياً، في تقديم العطاء الإغاثي والمنح الإنسانية على مدار خمس السنوات الماضية، ليس من قبيل المصادفة، بل لأن فلسفة العمل الإنساني في وطننا الكبير (المملكة العربية السعودية)، تنطلق من الرؤية الثاقبة للقيادة الرشيدة، في الصعود بقطاع المساعدات الخارجية والدعم المادي للدول الشقيقة والصديقة، وفق ثوابت واضحة وأسس راسخة، تعلي من قيم التعاضد مع الشعوب في أوقات الأزمات والنكبات والكوارث، بدون النظر لأية اعتبارات سياسية أو مذهبية أو دينية.
ولا شك أن حرص قيادة هذا الوطن الراشد على إدامة وإبقاء مآثر الخير لمؤسس هذا الوطن الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- من خلال إطلاق العديد من المشروعات والمبادرات الخيرية يؤكد أن حب العطاء والخير وخدمة البشرية متأصّل في وطننا الكبير (المملكة العربية السعودية) قيادةً وشعباً اقتداءً بالملك المؤسس مصدر الكرم وأصله، عبر إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
لقد احتل وطننا الكبير (المملكة العربية السعودية) المركز الأول عالمياً، كأكبر مانح للمساعدات الإنمائية الرسمية في العالم، والمركز الرابع في مجموعة الدول المانحة وذلك وفقاً للبيانات الأولية التي أعلنتها لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عام 2017م.
وهو يبادر دوماً وأبداً على مد يد العون والإسناد إلى كل بقاع الأرض حيث بلغت عدد الدول المستفيدة من عون وطننا بمختلف أشكاله وصوره حوالي 100 دولة، حيث ارتفعت نسبة المساعدات السعودية إلى إجمالي الدخل القومي لتتجاوز 0.7 % المتفق عليها دولياً.
ومن عام 2015م وحتى اليوم تم تنفيذ 417 مشروعاً شملت 40 دولة حول العالم، حظي اليمن فيها بالنصيب الأكبر، حيث وصلت المشروعات المنفذة فيه 260 مشروعاً شملت قطاعات الأمن الغذائي والإصحاح البيئي والمياه، ومشروعات مخصصة للمرأة والطفل، فضلاً عن دعم البنك المركزي اليمني واللاجئين ومكافحة وباء الكوليرا وغيرها، حيث بلغ إجمالي المساعدات خلال السنوات الثلاث الماضية أكثر من 10.96 مليارات دولار أمريكي. وتبرعت المملكة لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة لدعم اليمن لعام 2018م خلال مؤتمر» المانحين المخصص لتمويل الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2018م « في جنيف بمبلغ 500 مليون دولار، سلّمت للأمم المتحدة. كما نفذ المركز برنامجاً نوعياً لإعادة وتأهيل الأطفال اليمنيين الذين جندتهم مليشيات الحوثي وجعلتهم دروعًا بشرية، حيث قام المركز بتأهيل 2000 طفل وقدّم لهم الرعاية ودمجهم في المجتمع من خلال تقديم دورات وبرامج اجتماعية ونفسية وثقافية ورياضية وتدريسهم المنهج الدراسي ليتواكب تأهيلهم مع متطلب تحصيلهم العلمي والتربوي الرسمي، بالإضافة إلى تقديم برامج توعوية لأسر الأطفال عن المخاطر النفسية والاجتماعية التي يتعرض لها الأطفال المجندون.
واستمراراً لما تميزت به مساعدات المملكة ونتيجة لتعرض بعض اليمنيين لانفجارات الألغام العشوائية التي زرعها الحوثيون في المناطق الآهلة بالسكان وفقدوا بها أطرافهم فقد أنشأ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مراكز للأطراف الصناعية في مأرب ومستشفيات المملكة بالحد الجنوبي وكذلك بعدن لتركيب أطراف جديدة.
مما لا شك فيه أن مساعدات وطننا، شملت أيضاً الاهتمام بالوضع الإنساني للعديد من الشعوب المحتاجة في العالم مثل مهجري الروهينجا وما حلّ بهم من تهجير قسري في ميانمار، حيث وقع المركز مشروعًا لرفع جاهزية مستشفى منطقة سادار بمنطقة كوكس بازار في جمهورية بنجلاديش بتكلفة إجمالية بلغت مليوني دولار أمريكي لتعزيز تقديم الرعاية الصحية الثانوية للاجئين الروهينجا في بنجلاديش، وكذلك وقع المركز مشروعاً آخر لتقديم خدمات تعليمية وتربوية للطلاب من اللاجئين الروهينجا في العاصمة الماليزية كوالالمبور، بالإضافة إلى قيام فرق من المركز بزيارات ميدانية متتابعة لمخيمات اللاجئين الروهينجا في جمهورية بنجلاديش، وذلك للوقوف على البرامج الإنسانية التي ينفذها المركز للاجئين، إلى جانب دراسة أوضاعهم وأولويات الاحتياج الإنساني التي يمكن تنفيذها لهم بالتعاون مع المنظمات الدولية العاملة هناك.
ناهيك عن برنامج فصل التوائم الذي يدل على وطننا وطن خير وكرم وسلام وتسامح، فقد بات وطننا ناجحاً ومتميزاً في هذا التخصص، حيث بلغ عدد الحالات في برنامج فصل التوائم 45 حالة، من 21 دولة في العالم. وبتلك المواقف الإنسانية المشرفة، رفع معالي المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة باسمه ونيابة عن منسوبي المركز كافة، الشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- على ما صدر في جلسة مجلس الوزراء مساء الثلاثاء الماضي من تثمين للجهود الإغاثية والإنسانية التي يقدمها المركز للمحتاجين والمنكوبين في العالم، مؤكدًا أن الدعم السخي والتوجيهات السديدة من قبل القيادة -رعاها الله- هي المحرك الأول للمركز ومنسوبيه للعمل ليل نهار لتلمس احتياجات الشعوب في الدول المتضررة. فطوبى لمن شيّد وبنى، وطوبى لمن رسّخ ونمّى، وطوبى لمن أحبّ عمل الخير والبر والإحسان.
نسأل الله أن يحفظ خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأن يوفقه لصالح الأعمال وأعظمها، وأن يعينه على أداء مسؤولياته الجليلة، وأن ينفع به البلاد والعباد، وأن يشد أزره بولي عهده الأمين.