سعد بن عبدالقادر القويعي
بعد أن قررت دار الحياة الناشرة لجريدة الحياة الدولية، وقف إصدار النسخ الورقية من الجريدة؛ نتجية تراجع الدخل من الإعلانات، والتحول من النشر الورقي إلى الرقمي - حسب موقع الحياة -، فإن أحدا لا يمكنه إنكار حجم التحديات التي تواجهها الصحافة الورقية، - لا سيما - وقد عانت - خلال عقد مضى - من أزمات هيكلية حقيقية، وتحديات كبرى، - بدءًا - من قضية التمويل، - ومرورًا - بتحدي المحتوى، والمضمون، - وانتهاء - بأزمة القراءة؛ الأمر الذي يحتاج إلى كثير من الاجتهادات البناءة، والرؤى البديلة، والتي يمكن من خلالها إنقاذ هذه الصناعة من كبوتها، وعدم التعامل معها من منظور الربح، والخسارة - فقط -، بقدر ما هي مؤسسات وطنية تحمل رسالة الدولة، وتساهم في دفع عجلة التكوين في مختلف المؤسسات الإعلامية، وصناعة الرأي العام - كذلك -.
في ظل ازدحام المشهد الإعلامي، وفي ضوء الأزمات التي تشهدها صناعة الصحافة الورقية، بدأت الكثير من مجريات الأمور يطالها التغيير، ومن ذلك: أزمة الصحافة الورقية، والتي تعتبر أزمة وجودية حقيقية، قد تعصف بكيانها، وتهدد وجودها، واستمراريتها، وقدرتها على البقاء، والصمود، - خصوصا - بعد ما أفرزته التطورات التكنولوجية من متطلبات جديدة في السوق الإعلامي، والذي أدى إلى سرعة التغيرات، وأثرت بدورها على أدوار الاستثمار الإعلامي.
أذكر قبل خمسة أشهر - تقريبا -، عندما أخذ - الأستاذ - خالد المالك زمام المبادرة، وأكد على جملة من التحديات، والتي بدأ سوقها يتناقص في صالح الصحافة الإلكترونية، كانحسار الإعلان، والنقص الحاد في موارد جميع الصحف، والترشيد في الصرف، واللجوء إلى تخفيض عدد الصفحات، والكميات المطبوعة من الصحف، - إضافة - إلى إلغاء مكاتب صحفية في الداخل، والخارج، واستغناء عن عدد من المراسلين، والصحفيين في الداخل، والخارج - أيضاً -، إلى أن تطور الأمر إلى تحجيم الإصدارات الإلكترونية في كل مؤسسة صحفية، بعد أن أصبح الإنفاق على استمرارها غير مقدور عليه، ووصولاً إلى هيكلة المؤسسات الصحفية بعمليات جراحية، بما مثل تراجعاً مخيفاً في استمرارها قوية كما كانت، وهو ما يستدعي النظر في هذه العوامل، والأسباب، ومعالجتها؛ لتجاوز أزمة الصحافة الورقية التي لا تزال أمامها آفاق واسعة للانتشار.
الحلول لا تحتمل التأخير، - وفي تقديري - أن الصحافة الورقية باقية؛ إذ هي الحاضرة على الدوام، مهما اشتد من حولها الزخم، والزحام؛ لكن الوسائل تتطور، وما مقالة - الأستاذ - خالد المالك، بعنوان: «بيني وبين الصحافة.. الخوف عليها»، إلا محاولة إيجابية؛ من أجل بث الروح من جديد في الصحافة الورقية، وإنعاش دورها؛ ولكن بتخصصية أكثر، ومهنية أعمق. والأهم من ذلك، هو أن نسهم بدرجة ملحوظة في إنقاذ المؤسسات الصحفية من كبوتها، وكما ذكر رئيس تحرير صحيفة الجزيرة، بـ: «ضرورة التدخل السريع»؛ كونه مطلبا مشروعا، وضرورة ملحة، «لإيجاد مخرج لها من الوضع الحالي الذي تمر به، وفق رؤية تنسجم مع متطلبات رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020، وبما يجعلها قادرة على أن تمارس دورها الصحفي باقتدار، وتؤدي رسالتها الإعلامية كما يجب، متلمّسة مصلحة الوطن».