«لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم».. انطلاقاً من هذا القول ندرك أهمية السعي الدائم لمواكبة التغير والتطور الحاصل في العالم من حولنا وانعكاسه على العملية التعليمية، فالتطوير في المناهج بمفهومها الشامل يتطلب إعادة النظر في الطرق والأساليب والأنشطة والكتب المدرسية ومدى فاعلية المعرفة المقدمة للطفل، والتركيز على ما نريد إخراجه للمجتمع وسوق العمل.
فما هي أولوياتنا وما هي الجوانب التي نريد أن نصقل بها الطفل، فالطفل العالم، الطبيب، المعلم، الجندي، العامل ....إلخ. هو الناتج التعليمي، لذلك يجب علينا نحن التربويين العمل على تحسين وتعديل المناهج لكي نستطيع إعداد جيل واع ومثقف ومنتج للمعرفة، وقادر على مواجهة التحديات والظروف الصعبة واتخاذ القرارات المناسبة بالوقت المناسب، بذلك نكون قد حققنا سبقاً معرفياً تربوياً على مستوى العالم.
وتبدأ هذه الخطوة في تعديل وتطوير المناهج بشموليتها وعموميتها، وتغيير المفاهيم التربوية من مرسل -مستقبل إلى موجّه- منتج. فالاهتمام بتطوير المناهج وجعلها تحافظ على الأصالة والقيم ومواكبة كل ما هو جديد بما يتلاءم مع ثقافاتنا وتقاليدنا سيخلق جيلاً لديه إيمان قوي بما يتعلم وعلى ثقة بما يقوم به، ويجعل المعلمين قادرين على ممارسة أدوارهم التربوية كموجهين ومرشدين وقادة للصفوف التعليمية. فقد حان الوقت أن ننتقل من التركيز على كم المعرفة إلى النوع وكيفية تحصيل هذه المعرفة ولطالما أعجبتني مقولة كونفوشيوس «لا تعطه سمكة ولكن علمه كيف يصطاد»، وهذا منهج بحد ذاته لكي نسير على خطى واثقة في عملية التطوير يجب علينا أن نعمل على تطوير فكرنا وأسلوب معيشتنا لكي تندمج هذه المنظومة مع بعضها البعض.
والمطلع على مناهج رياض الأطفال في المملكة العربية السعودية يلاحظ أنه تم تأليفها عام 1407هـ ولم تطور حتى الآن.
فالمراقب لمخرجات التعليم الحالية يكتشف قصوراً بأداء المناهج لدورها المتوقع منها في عصر العولمة والتطور المعرفي.
وعند استشراف مستقبل المناهج برياض الأطفال في المملكة العربية السعودية، نرى أنها ستكون مناهج تراعي خصائص نمو طفل الروضة وتلبي احتياجاته النمائية.
مناهج حديثة، ممتعة قائمة على المنهج الإبداعي المحقق للنمو المتوازن لطفل الروضة، منهج ينمي قدرات الطفل الإبداعية والعقلية واللغوية، منهج قام ببنائه نخبة من خبراء التربية والمناهج السعوديين، منهج مبني على أساس الطفل جزء من مجتمع ووطن حيث يغرس الانتماء والمواطنة بكل مثال يطرح وكل مهنة تقدم وكل منشط
يحتفل به، منهج متدرج يحمل الطفل لأعلى المراتب ويحقق الابتكارات ويحمي العقلية الخلاقة، منهج إنساني يحترم قدرات الأطفال وإن اختلفت، ويحتضنهم ويقدم لهم أفضل الإمكانات المادية والبشرية.
منهج يبنى على أساس القرآن والسنة النبوية والاعتزاز بالهوية الإسلامية، والتفاخر. تظهر به رموز الدين الإسلامي كقدوة للدين والحياة، منهج يوازن بين إشباع الحواس والتطور التكنولوجي العالمي ويراعي روح العصر التقني.
وبذلك أرى روضة المستقبل تحقق أهداف المنهج المطور تحت سقف بيئة تربوية آمنة منوعة هادفة مشوقة للطفل، جاذبة ومثيرة لتفكيره وغير مقيدة، روضة المستقبل تتشارك بها الأسرة والمجتمع لخدمة الجيل القادم، روضة مطورة كل منسوباتها متخصصات بالطفولة، شغوفات بالعمل، مؤمنات بالهدف الأعلى في دورهن التربوي ،والأكيد هن قدوة سلوكية وخلقية للأطفال، روضة تخرج جيلاً واثقاً من نفسه متوازن الشخصية ذي قدرات عقلية عالية، جيلاً مبدعاً منتجاً يخدم وطنه علمياً وعملياً، جيلاً قوياً مترابطاً، يحمل في داخلة انتماء ووطنية، ومبادئ قائمة على
القرآن والسنة النبوية. وبذلك تكون دفة التطوير نحو الجودة العالمية مستمرة، ومبنية على الأبحاث والدراسات السعودية المنطلقة من خلفية المجتمع الدينية والثقافية.
وختاماً... آمل أن أكون وفقت في عرض تأملاتي نحو استشراف مستقبل الطفولة في بلدي السعودية، لخدمة أمتنا الإسلامية والسير بها نحو مقدمة الأمم باعتبار أن ذلك هو مكانها الطبيعي بين الأمم.
** **
- متخصصة وباحثة في الطفولة