إضاءة (1)
حَسْبُ شهر رمضان أنه أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.
لذا كانت تلاوة القرآن في شهر القرآن من أشرف الأذكار.
وقد كان السلف الصالح - رحمهم الله - إذا صاموا جلسوا في المساجد، وقالوا: نحفظ صومنا، ولا نغتب أحداً.. وشغلوا وقتهم بتلاوة آي الذكر الحكيم.
مَنْ صام نال الفوز من رب العلا
وبوجهه أضحى عليه مقبلا
يا مَنْ يروم توسلاً وتوصلاً
صُمْ رغبة في قول: رب العلا
«الصوم لي وأنا الذي أجزي به»
إضاءة (2)
آداب الصيام يجمعها: حفظ الجوارح الظاهرة، وحراسة الخواطر الباطنة. وآداب القيام: أن يخلص عمله لله، ويطيل القراءة والركوع والسجود.
أدِمْ الصيام مع القيام تعبدا
فكلاهما عملان مقبولان
قُمْ في الدُّجى واتلُ الكتاب ولا تنمْ
إلا كنَومة حائر ولهان
فلربما تأتي المنية بغتة
فتساقُ من فُرُش إلى أكفان
إضاءة (3)
شهر رمضان فرصة نفيسة لكل مسلم ومسلمة ليراجع كل واحد نفسه، ويُلح على المولى - عز وجل - داعياً، ويندم شاكياً.
ويقول:
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة
فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن
فمن الذي يدعو ويرجو المجرم
أدعوك ربّ كما أمرتَ تضرُّعاً
فإذا رددت يدي فمَنْ ذا يرحم؟
مالي إليك وسيلة إلا الدُّعا
وجميل عفوك ثم إني مسلم
إضاءة (4)
خصصت العشر الأواخر من شهر رمضان بليلة القدر الشريفة.
لليلة القدر عند الله تفضيل
وفي فضائلها قد جاء تنزيل
فجُدَّ فيها على خير تنال به
أجراً فللخير عند الله تعجيل
واحرص على فعل أعمال تسرُّ بها
يوم المعاد ولا يغررك تأميل
فكم رأينا صحيح الجسم ذا أمل
في ليلة القدر لم يبلغه تنويل
فتُبْ إلى الله واحذر من عقوبته
عن كل ما فيه توبيخ وتنكيل
ولا تغرنك الدنيا وزخرفها
فكل شيء سوى التقوى أباطيل
إضاءة (5)
قال أحد الصالحين: أدوية الروح خمسة، وهي كلها من متطلبات شهر الصيام: قراءة القرآن بالتدبر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين.
يا ذا ما كفاه الذنب في رجب
حتى عصى ربّه في شهر شعبان
لقد أظلك شهر الصوم بعدهما
فلا تصيره أيضاً شهر عصيان
واتل القرآن وسبِّح فيه مجتهداً
فإنه شهر تسبيح وقرآن
كم كنت تعرف ممن صام في سلف
من بين أهل وجيران وإخوان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهمُ
حيّاً فما أقرب القاصي من الداني
إضاءة (6)
أيام شهر رمضان كالتاج على رؤوس الأيام، وهي مغنم الخير والبركات لذوي الإيمان، وللصيام آداب يجمعها: حفظ القلوب عن الخطرات، واللسان عن قبيح المقالات، والسمع عن الاستماع إلى المنكرات، والجوف عن المطاعم والمشارب المحرمات.
مَنْ كان يشكو عِظم داء ذنوبه
فليأت من رمضان باب طبيبه
ويفوز من عرف الصيام بطيبه
أو ليس قول الله في ترغيبه
«الصوم لي وأنا الذي أجزي به»
إضاءة (7)
لما كانت القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد، وجلاؤها ذكر الله، فإنَّ شهر رمضان فرصة للذكر والشكر؛ وبذلك يمتلك الشهر الفضيل أدوية الروح والقلب.
يا فوز مَنْ للصوم قام بحقه
وأتى بحُسن القول فيه وصدقه
ومن الجحيم نجا وفاز بعتقه
فالله قال عن الصيام لخلقه
«الصوم لي وأنا الذي أجزي به»
إضاءة (8)
كان سفيان الثوري - رحمه الله - إذا دخل رمضان ترك جميع العباد، وأقبل على قراءة القرآن.
يا غافلاً وليالي الصوم قد ذهبت
زادت خطاياك قف بالباب وابكيها
واغنم بقية هذا الشهر تحظ بما
غرسته من ثمار الخير تجنيها
وتبْ لعلك تحظى بالقبول عسى
أن تبلغ النفس بالتقوى أمانيها
وقلْ: إلهي أنا العبد الذليل وقد
أتيت أرجو أجوراً فاز راجيها
فلا تكلني إلى علمي ولا عملي
واغفر ذنوبي فإني غارقٌ فيها
إضاءة (9)
يا مَنْ فرَّط في شهره بل في دهره، وأضاعه.. يا مَنْ بضاعته التسويف والتفريط، وبئست البضاعة، يا مَنْ جعل خصمه القرآن وشهر رمضان، كيف ترجو ممن جعلته خصمك الشفاعة.
ويلٌ لمَنْ شفعاؤه خصماؤه
والصُّورُ في يوم القيامة ينفخ
رُبَّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، وقائم حظه من قيامه السهر.. كلُّ قيام لا ينهى عن الفحشاء والمنكر لا يزيد صاحبه إلا بُعْداً. وكلُّ صيام لا يصان عن قول الزور والعمل به لا يورث صاحبه إلا مقتاً.
إضاءة (10)
عباد الله إنَّ شهر رمضان قد عزم على الرحيل ولم يبق منه إلا القليل.. فمَنْ منكم أحسن فيه فعليه بالتمام.. ومَنْ فرّط فليختمه بالحسنى والعمل بالختام.
فاستغنموا منه ما بقي من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعوه عملاً صالحاً يشهد لكم له عند الملك العلام، وودعوه عند فراقه بأزكى تحية وسلام.
سلامٌ من الرحمن كلَّ ألوان
على خير شهر قد مضى وزمان
سلامٌ على شهر الصيام فإنه
أمانٌ من الرحمن كلَّ أمان
لئن فنيت أيامُك الغرّ بغتة
فما الحزنُ من قلبي عليك بفان
** **
- عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية