في العقود الأخيرة تنبهت الدول والأوساط الطبية لمرض السرطان وسلطت التقنيات الطبية المتقدمة لمحاربة هذا المرض، ونظرًا لكثرة الحالات وآثارها الصحية والاجتماعية على المصاب وعائلته، برزت الحاجة لتوسيع دائرة الاهتمام وتكاتف الجهود من الهيئات والمنظمات والجمعيات التي تسهم في محاربة هذا المرض الذي يسبب ذعرًا اجتماعيًا تكشف عنه التسمية المتحفظة كنايةً بالمرض الخبيث. وفي هذا السياق برزت جهات متعددة في المملكة تعنى بهذا الشأن وفي مقدمتها الجمعية السعودية الخيرية لمكافحة السرطان التي تأسست بموافقة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية رقم: 257 بتاريخ: 24 - 02 - 1425هـ، وقدمت خدمات جليلة على مدى 15 عامًا سهمت في تخفيف أثر مرض السرطان على المجتمع بصفة عامة من خلال تقديم خدمات مساندة لمرضى السرطان والمساهمة في دعم برنامج التوعية والوقاية من السرطان، إضافة إلى دعم وتشجيع البحوث العلمية للوقف والتعرف على مسببات السرطان في المملكة.
كما أدركت الجمعية أهمية التعاون مع الجمعيات الخيرية الأخرى في المملكة التي تعنى بمرضى السرطان لتحقيق الأهداف المطلوبة للجمعية من خلال دعم برامج الجودة النوعية للعمليات التشخيصية لمرضى السرطان، ودعم برامج التشخيص وعلاج المرضى، ودعم برامج العلاج التلطيفي.
إلى ذلك تفردت الجمعية بإطلاق عدد من البرامج وتقديم الكثير من الخدمات بمستويات متعددة طبية ونفسية واجتماعية تتصل بالمريض نفسه وبالوسط الاجتماعي المحيط به، ومنها على سبيل المثال:
*الخدمات الاجتماعية
1- تقوم الجمعية بتوفير خدمة النقل الجوي (الإركاب) والبري بنوعيه داخل المدن وخارجها للمرضى القادمين من خارج مدينة الرياض بشكل مجاني، حيث أبرمت اتفاقيات مع كل من الخطوط الجوية العربية السعودية، والمؤسسة العامة للنقل الجماعي «سابتكو»، والمؤسسة العامة للسكك الحديدية، لتأمين نقل مرضى الجمعيّة ومرافقيهم بتخفيض قدره 50 في المائة من قيمة التذاكر، حيث تتحمل الجمعية الجزء الآخر عن المريض. كما يتوفر لدى الجمعية أسطول من سيارات النقل المجهزة والمهيأة لتسهيل تنقلات المرضى بين محطات المطارات والسكك الحديدية والنقل الجماعي ومقرات السكن ومستشفيات العلاج، ضمن برنامج الشيخ محمد العساف ـ يرحمه الله ـ لنقل المرضى داخل مدينة الرياض.
2- حيث إن مريض السرطان يحتاج إلى البيئة الآمنة والمستقرة التي توفر له الراحة والطمأنينة أثناء تلقيه جرعات العلاج قامت الجمعية بالتعاقد مع عدد من الشقق المفروشة القريبة من مستشفيات العلاج لإسكان مرضى الجمعية من خارج مدينة الرياض طوال مدة إقامتهم ولحين انتهاء الجرعات اللازمة ومغادرتهم، حيث روعي فيها احتواؤها على وسائل السلامة والراحة للمريض، كما أبرمت الجمعية عددًا من الاتفاقيات معهم للحصول على أكبر تخفيض ممكن لصالح الجمعيّة.
3- بما أن المريض بحاجة دائمة وماسة إلى من يحمل عنه الأعباء المادية والمعيشية طوال فترة مرضه ولحين التعافي التام بإذن الله، سارعت الجمعية إلى استحداث برنامج خاص بالمساعدات المادية وفق ثلاثة أفرع هي:
- المساعدات المقطوعة للمرضى الذين ليس لديهم القدرة على تحمل تكاليف المعيشية، والبقاء فترات طويلة خارج منطقتهم التي يعيشون فيها.
- الرواتب الشهريّة للمرضى قليلي الدخل أو معدومي الدخل.
- الإعاشة للمرضى التي تساعدهم على توفير متطلباتهم واحتياجاتهم اليومية وبشكل فوري.
* برنامج الدعم النفسي:
يُعاني مريض السرطان منذ تلقيه خبر الإصابة ومرورًا بفترات العلاج ولحين الانتهاء من البرنامج الطبي آلامًا نفسية عصيبة، إِذ ينظر إلى أيامه وكأنها الأخيرة التي يودع فيها الدنيا، بينما تشير الدراسات الطبية إلى ارتفاع كبير في نسبة الشفاء من المرض مع تقدم الأبحاث الطبية في هذا المجال. ونظرًا لأهمية الحالة النفسية للمريض وانعكاسها على وضعه الطبي؛ سارعت الجمعية إلى إنشاء منظومة من الفعاليات الدينية والثقافية والاجتماعية والترفيهية ضمن برنامج الدعم النفسي الذي يوفر للمريض ومرافقيه أجواءً مليئة بالحيوية والنشاط الروحي والمعنوي، التي تختصر عليه الزمن للتعافي التام من المرض بإذن الله.
*برنامج الدعم الطبي:
تستلزم حالة المريض عناية خاصة وفائقة طيلة مراحل تلقيه العلاج؛ لذا رأت الجمعية أهمية تأمين عددٍ من المستلزمات والتجهيزات الطبية التي تحقق له عناية خاصة وفاعلة في تتبع مراحل العلاج والتنبه المبكر عن أي انعكاسات قد تؤثر سلبًا على علاجه، لذا جاء برنامج الأجهزة الطبية لتحقيق أكبر قدر ممكن من التأهيل المساند للتدخل الطبي للحفاظ على نجاح العلاج وحياة المريض الغالية. ومن ضمن النجاحات التي تعدها الجمعية مكاسب لها بأن تكون هي من بادرت بالسعي بإنشاء أول مركز للكشف المبكر عن سرطان الثدي لمركز عبداللطيف العبداللطيف للكشف المبكر بالرياض بالمملكة ورفع مستوى الوعي لدى السيدات. إضافة إلى مركز عبداللطيف لم تتوقف الجمعية عن الوجود في مناطق المملكة وهي من تبادر بأن تكون قريبة من المريض أو الناس وتحثهم على الكشف المبكر عبر العيادات المتنقلة.