هدى بنت فهد المعجل
(بعض الناس لا يستسلمون أبداً، بعض الناس يقاتلون دوماً).. هم قلّة..!!
كنت أتابع فيلماً أجنبياً حينما صرح ممثل فيه بهذه العبارة..
استسلام.. أو (ثقافة الاستسلام) كما يطلق عليها.. وبحسب كتاب (بلال حسن - ثقافة الاستسلام) وهو عبارة عن قراءة نقدية في كتابات وأفكار عدد من الكتّاب والصحافيين العرب.....
...والتي تتناول القضية الفلسطينية وإسرائيل وأمريكا والموقف من الاستعمار بشكل عام.
لن أتطرق للكتاب.. بل لعبارة الممثل أعلاه..
(بعض الناس لا يستسلمون أبداً)
(بعض الناس يقاتلون دوماً)
أي استسلام نفاه.. وأي قتال أثبته في رأيه ذاك..؟
قد نتفق على أن الاستسلام ثقافة الكسل والخمول على مستوى الفرد والجماعات وبعيداً عنه على مستوى الدول وقضاياه الشائكة، وعن رأي ورؤية الكاتب المصري: (فهمي هويدي) عندما ذكر أن ثقافة الاستسلام أصبحت أحد معالم الزمن العربي الذي نعيشه، حتى غدت وباء ظهرت أعراضه في العديد من الأقطار العربية.. لأننا سنلتفت إليها من زاويتنا كأفراد إن تعددوا شكلوا مجموعة.
الاستسلام للمرض.. الاستسلام للفقر.. الاستسلام للضعف.. دون محاولة الاقتتال من أجل القضاء عليه.. من أجل القضاء على المرض.. القضاء على الفقر.. القضاء على الضعف..
الاستسلام لعدم الفهم والاستيعاب (ونحن في معمعة الاختبارات النهائية).. الاستسلام لكل ما يترتب عليه التراجع للوراء أو الانزواء والتقوقع دون أي تقدم نتمناه وننشده. ولا تعارض بين هذا الرأي، ورأي علماء الدين أن الاستسلام ينبغي ألا يكون إلا لله، وهو الرضا بقضائه وقدره، حيث أن الاستسلام لقضاء الله وقدره لا يجب أن يكون بلا عمل وهو ما يطلق عليه التواكل!! على اعتبار أن الله قضى عليك بالفقر.. أو المرض.. أو صعوبة الفهم والاستيعاب..!!
بل ينبغي القتال والاقتتال في سبيل نيل ما استعصى علينا وصعب من الأشياء المادية والمعنوية والمحسوسة.
ولأن طبيعة أغلب البشر قصر النفس، وضعف العزيمة نجد أن من يقاتل فئة قليلة.. ومن لا يرضخ ويستسلم فئة قليلة أيضاً.
جرب حل لغز، أو عملية حسابية، أو كلمات متقاطعة.. هل سيمتد بك الصبر وقوة العزيمة حتى تصل إلى الحل أو تنجز العملية الحسابية، فتكتمل معك الكلمات المتقاطعة.. (مثال متواضع) إن تجاوزته أمكن تجاوز أمثلة أصعب منه وأعمق..
الاستسلام: استسلام جسدي، أو ذهني، أو سلوكي.. وكذلك فكري.. ومن ذلك رفع الراية البيضاء التي ينادي بها بعضهم، وليس في كل المواقف علينا رفع الراية البيضاء.. وإلا لما تحقق لنا ما تحقق الآن من إنجازات واختراعات وما بلغنا ذروة المجد أو حققنا الإرث الحالي والحضارة القائمة.
الاستسلام المرفوض نبتة مسمومة إن أذن لها نمت وتمددت للأعلى وإلى الأسفل جذوراً وفروعاً.. فإذا أتينا كي نجتثها صعب علينا الأمر، وفشلنا، وربما اجتث معها كياننا كله.
إذاً فإن منطق العقل يقول عدم الاستسلام (للسوء) مرضاً كان أو فقراً أو قلة استيعاب ومواجهته بالإرادة والتحدي هو العنوان الرئيسي لتجاوز السوء ومحاربته.
علينا أن نؤمن أن (الاستسلام) و(الاقتتال) عدوان لا يلتقيان في مضمار فرد، وعلى ذلك الفرد أن يختار من هو الأجدر بصحبته، ولولا صحبة العلماء والمبتكرين للاقتتال ومقاطعتهم للاستسلام لما تطور العلم أو دانت لنا الأرض والسماء بما رحبت.