محمد آل الشيخ
الإخونجي الكويتي الشهير المدعو «طارق السويدان» شوهد، وتم رصده وتصويره، في مطار الدوحة قادماً من طهران، في اتجاهه إلى بلده الكويت. ويبدو أن هذا الموبوء بالتأخون -نسأل الله العافية- لم يذهب إلى هناك للسياحة، ولا لأداء بعض الطقوس الدينية، إنما شد رحاله إلى هناك في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها إيران للتنسيق في المواقف والتكتيكات بين الإخونج والإيرانيين؛ فهذا «السويدان» من أساطين جماعة، الإخوان، ومن منظريهم، وكادر من كوادر التنظيم العالمي للإخوان، الذي يدير شؤون الحركة في العالم. وأنا ممن يؤمنون إيمانا عميقا أن التأسلم السياسي نشأ أول ما نشأ كنتيجة طبيعية ويجب أن تكون متوقعة لانتصار الخميني في إيران، وتمكنه أن يتربع على عرش الشاه، وقد باركت جماعة الإخوان تلك الثورة المتأسلمة علنا، وأرسلت إلى طهران وفدا من كبار أعضائها للتهنئة والتبريك، إضافة إلى أنها حذت حذوها وانتهجت منهجها لإعادت التجربة بحذافيرها في الدول العربية، بعد صبغتها بصبغة سنية، ومن هنا، أو لهذا السبب، إضافة إلى أسباب أخرى تضافرت، انطلقت الصحوة المشؤومة، التي قادها الإخونج ومن خرجوا من تحت عباءتهم، كالسروريين والجهاديين.
وأنا ممن يؤمنون إيمانا كاملا، لا يخالجه أي شك، أن القضاء على الإرهاب، واجتثاثه من العالم، لن يتحقق إلا بإسقاط دولة الولي الفقيه في طهران، وهذا على ما يبدو ما اقتنع به أيضا الأمريكيون أخيرا، فالرئيس ترامب ومعه فريق عمله يعملون الآن على (خنق) دولة الملالي بالعقوبات الاقتصادية، بهدف تمهيد السبيل للإيرانيين الجوعى العاطلين للإطاحة بها، وجماعة الأخونج وبالذات كبارهم وأساطينهم يدركون أن سقوط دولة ملالي إيران، سيجعلهم قطعا الهدف الثاني للعالم الحر، الذي لن يتوانى لاجتثاثه، لأن التأسلم السياسي سواء الجزء الشيعي أو السني منه، هما وجهان لعملة واحدة، ويبدو أن العالم اليوم يسعى لإعادة الإسلام إلى ما كان عليه قبل أن يُسيسه الخميني والجماعات السنية التي حذت حذوه؛ وهذا ما جعل الجماعة عندما تم تجريمها في أهم وأغنى الدول العربية، يلجؤون إلى تركيا، ومن هناك يحاولون مقاومة الحملات الشرسة، التي تستهدف بقاءهم. وليس لدي أدنى شك أن تركيا (العلمانية) ستلفظهم عاجلا أو آجلا، لأن البنية التحتية السياسية والاقتصادية لتركيا العلمانية تتناقض معهم تناقضا واضحا، ولا بد أن يطفو هذا التناقض على السطح، بالشكل الذي يجعل من المستحيل على أردوغان مواجهته وإجهاضه، خاصة وأن الاقتصاد التركي يواجه الآن مصاعب حقيقية، والليرة التركية قاب قوسين أو أدنى من الانهيار، وإذا فشل أردوغان اقتصاديا، فإن من سيخلفونه، لن يكون لهم الطموحات التي لأردوغان، فالأتراك القوميون، الذين من المفترض أن يخلفوا أردوغان بعد سقوطه، يرون أن تركيا أتاتورك دولة علمانية، ترتبط في قيمها ومبادئها ومصالح اقتصادها، بالأوربيين أكثر من ارتباطها بالشرق الآسيوي، الأمر الذي سينعكس على تصحيح المسار، والتخلص من الإخوان.
بقي قطر، أو كما يسميها السعوديون جزيرة شرق سلوى، وهذه الدويلة تكتنفها المشاكل من كل حدب وصوب، وهي تعيش عزلة تكاد أن تكتم أنفاسها، لذلك فإن دولة الولي الفقيه إذا سقطت كما يخطط الأمريكيون، فيستحيل على دويلة بحجم قطر أن تضحي بالعالم أجمع، وتدعم الإخوان؛ لهذه الأسباب أكاد أجزم أن سقوط دولة الملالي، يعني بالضرورة الحتمية اندثار جماعة الإخوان إلى أبد الآبدين.
إلى اللقاء