ثامر بن فهد السعيد
تعد أسواق العملات Forex أكثر الأسواق المالية نشاطًا وأكبرها حجمًا من حيث العمليات والتداول, حتى أن هذه الأسواق يعد حجمها وقيمتها عدة أضعاف أسواق الأسهم في العالم, تتسم العملات المتداولة بالتعويم، فالمتحكم فيها في الأساس المعطيات الاقتصادية الأساسية لتلك الدول مثل النمو الاقتصادي, معدلات الفائدة, الميزان التجاري، معدلات البطالة وغيرها من المؤشرات الاقتصادية الأساسية للدول, أيضًا من المؤكد أن المناخ السياسي لأي دولة يؤثر كذلك في تسعير وتوجيه أي عمله بمقابل العملات الأخرى.
تعد البنوك المركزية حول العالم اللاعب الرئيس في هذه الأسواق، كذلك فإن من اللاعبين الرئيسيين في أسواق العملات البنوك حول العالم، فإدارة الخزينة في كل بنك تعمل على التداول في أسواق العملات وفقًا لمصلحتها واحتياجات العملاء لديها في التصدير والاستيراد والاقتراض وغيرها من التعاملات التجارية.
يعتقد الكثير من غير المختصين والممارسين بأن التعامل بسوق العملات لا يحتوي إلا على التعامل الآني، وهو ما يمثل بيع عملة مقابل أخرى بسعرها اللحظي، على سبيل المثال أن تبيع (تحول) 1.1657 يورو لتحصل على دولار واحد، وهذا ما يمثل سعر الصرف الآني لتسعير العملتين في السوق، يعد هذا التعامل أحد أنواع التعامل في أسواق العملات ولكنها ليست كل التعاملات في سوق العملات. وبما أننا في فترة الصيف والرحلات سيكون هذا النوع من التعاطي مع العملات جاريًا ونشطًا خلال هذه الفترة مع الأخذ بالاعتبار الفروقات السعرية عند الصرف بين سعر الشراء والبيع للعملة ما تشتمل حتى بعد الرسوم الإضافية. يضاف إلى هذا التعامل في أسواق العملات تعاملات أكثر تخصصية مثل عقود المبادلة Swap، العقود المستقبلية Futures وعقود الخيار Options, هذه التعاملات الأخيرة تعد تعاملات تخصصية تحتاج لمختصين في الخزينة وأدواتها.
أغلب التعاملات التي تجري في سوق العملات تعتمد التغيرات التي تطرأ على سعر الصرف فيما بعد الفاصلة في الخانتين الثالثة والرابعة، وإن كان هذا التغير يعد طفيفًا إلا أنه يحكي تفاصيل كثيرة يتقنها أهل الاختصاص في سوق العملات.
وسط نشاط السوق وكبر حجمه نشأت تجارة ضخمة يروج لها مسوقون كثر وهي المتاجرة في العملات، فرغم التعقيدات المصاحبة لهذه التعاملات وما تتطلب من رأس مال يسعى المسوقون إلى إقناع الأفراد بأن الخوض في هذا السوق أمر يسير بل يتيح لهم دخلاً إضافياً «سهلاً» وشبه مضمون بمبالغ بسيطة لا تتجاوز آلاف الدولارات في كثير من شركات الوساطة، هذه بحجه توفير رافعات مالية تتيح لهم التعامل حتى عشرة أضعاف أموالهم، وهذه بحد ذاتها مخاطرة عظيمة. إذا سلمنا جدلاً بسلامة التسجيل والرخص الممنوحة لهذه الشركات فالتعامل بهذا القدر من التسهيلات مذبحة ولكن لم يتوقف الأمر هنا، فسهولة الحصول على البيانات وإنشاء مواقع إلكترونية تحتوي التعاملات رفعت شهية الاحتيال المالي واختلاس الأموال، فكم من المواقع التي يدعي أصحباها أنهم وسطاء مرخصون استعملوها للاستيلاء على أموال الناس بالنصب والاحتيال.
تبذل الجهات الرسمية وزارة التجارة، مؤسسة النقد وهيئة السوق المالية جهدًا كبيرًا لمواجهة تسويق مثل هذه العمليات بالتثقيف والمواجهة، إلا أن السعي للربح وحلم الثراء والحصول على مداخيل إضافية يسيطر على عاطفة وأنفس المستهدفين، ويبدأ اعتقاد الإنسان بأنه يستطيع تحقيق ما لم يحققه غيره، والنتيجة إما اختلاس المال أو ضياعه.