رجاء العتيبي
عشر سنوات كفيلة بإحدات تغيير ما في أي مجتمع, ويزداد التغيير مع عشر سنوات أخرى، ويتضح بشكل أكبر مع عشر سنوات ثالثة, حينها نكون أمام جيل جديد بمواصفات جديدة عن الجيل الذي قبله, ثلاثون سنة هي عمر كل جيل له مواصفات وخصائص لا تتوفر في الجيل السابق.
إذن التغيير سنة كونية جارية على بني البشر, وطالما هي كذلك, لماذا بعض البشر يسعى لتثبيت الواقع, بعضهم يثبت حياته بشكل معين, وبعضهم يثبت شركته بمواصفات معينة, وبعضهم يثبت مؤسسته الحكومية بطريقة غير قابلة للتغيير, وبعضهم يثبت شخصيته وملابسه وهيئته, وبعضهم يثبت وظيفته ويمكث بها سنوات طويلة... إلخ.
المجتمعات التقليدية همها تثبيت الواقع, تكره التغيير, تراه مصيبة وكارثة وجنون, تكره قيادات التغيير وتتوجس منهم خيفة, لا تريدهم, تقاومهم, تسيء إليهم, وتصفهم بأوصاف سلبية, تضربهم في شخصيتهم وفي فكرهم وفي تاريخهم وتستعدي الناس عليهم.
الإنسان التقليدي (مخه مقلوب) يريد أن يثبت متغيرًا, فيما الحياة متغيرة, كل يوم هي في شكل، قف بالأطلال وانظر ماذا حدث للقوم والمكان والأشجار, هل بقيت على حالها؟ إذا كان التقليدي لا يرى ذلك فلا نلومه إذا قال بالثبات.
الإنسان التقليدي هو ذاته متغير, فبعد فترة من الزمن ليس هو الذي كان، كل شيء فيه بدلته عوامل التعرية: فكره, جسده, ملامحه, قناعته, فما باله لا يفهم؟ لماذا لا يريد أن يتغير وهو ذاته متغير, لماذا لا يرى التغيير في نفسه وفيمن حوله؟ مخه مقلوب فعلاً!!.
جوهر مخ الإنسان التقليدي أن التغيير: كارثي، ونقاشه في ذلك مضيعة للوقت, دعه وما يرى, واتركه, وعد إليه بعد زمن فستجد أن سنة الحياة المتغيرة قد (بدلته), هنا ناقشه وقل إن التغيير جرى عليك أنت أيضًا, أنت لست حجرًا صلدًا, ولا قالبًا من ذهب, أنت من عظم ولحم تعيش في مجتمع لا يمكن أن يدخل النهر مرتين، إشارة إلى أن ماء النهر متغير, فإذا وضعت قدمك في مجراه ورفعتها، ثم وضعتها مرة أخرى, فإنك وضعت قدمك للمرة الثانية في ماء جديد غير السابق. ومن هنا جاءت الحكمة القديمة (إنك لا تدخل النهر مرتين) كناية عن حتمية التغيير.
تفاعل مع التغيير وعش معه وساهم فيه, عش كإنسان يتغير مع تغير الحياة، وأثناء ما أنت تتغير عالج السلبيات المتوقعة وأكمل المسيرة, اقبل كل ما هو جديد, ثق في الجيل القادم, ثق في قدراته ومواهبه وتفكيره, اصنع معه الحياة الجديدة.
إن لم تفعل ستجد أنك ثبت نفسك في الثمانينات وجسدك في عام 2018م، ستبدو غريب اللسان واليد, لا تفعل سوى انتقاد الآخرين والسخرية من عالم اليوم, وستتجاوزك الحياة.