ياسر صالح البهيجان
تزخر مدن المملكة بمئات الساحات البلديّة المجهّزة بمضامير لممارسة رياضة المشي، وقدمت وزارة الشؤون البلدية والقروية ممثلة بأمانات المناطق جهدًا ملموسًا في هذا الصعيد، لكن نسبة تفاعل المجتمع مع تلك الساحات لا تزال دون المستوى المأمول، ولعل لذلك عوامل متعددة.
من أبرز العوامل غياب الأنشطة الرياضية المُنظمة داخل الساحات البلديّة، والمسؤولية هنا مشتركة ما بين الهيئة العامة للرياضة ووزارة البلدية، وأعتقد بأن تفعيل دور البلديات الفرعية بالتنسيق مع هيئة الرياضة لإقامة فعاليات تحفيزية على مدار العام من شأنه أن يزيد من الوعي المجتمعي تجاه أهمية ممارسة الرياضة بمختلف أنواعها، كإقامة الماراثونات ودوريّات الأحياء وتنظيم حصص تدريبية بالتعاون مع مدربين متخصصين خلال ساعات محددة من اليوم.
كما أنه من الضروري إشراك أهالي الحي في وضع روزنامة رياضية في أقرب ساحة بلديّة إليهم، وإنشاء قاعدة بيانات تتضمن وسائل التواصل معهم لإشعارهم بأي حدث رياضي سيجري تنظيمه في ساحتهم، وبالإمكان الاستعانة بعُمَد الأحياء وتفعيل دورهم في إيجاد حلقة وصل فيما بين الفعاليات الرياضية والسكّان.
ويمكن للرياضة إن جرى تفعيلها بالطريقة المثلى داخل الأحياء أن تلعب دورًا أكبر في إيجاد تماسك وثيق بين أفراد المجتمع، وبإمكانها كذلك أن تفتح عالمًا كاملاً من الفرص من خلال مقابلة أشخاص جدد والتشارك في الخبرات والمعارف، فضلاً عن إسهامها في تحسين جودة الحياة، وتوفير وقت كافٍ للاستمتاع الجماعي، وتنمية حس الانتماء للمكان.
لا أعلم لماذا الأنشطة الرياضية المنظمة لا تبرز إلا في شهر رمضان أو خلال مواسم محددة من العام، لا شك في أن مثل هذه الثقافة تعطّل التنمية المجتمعية ولا تحقق الاستفادة القصوى من البنية التحتية المتوفّرة لدينا، خصوصًا وأن الساحات والملاعب والمضامير أنفق من أجلها مئات الملايين من خزينة الدولة، لكن مردودها الفعلي سواء من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية مخيب للآمال والتطلعات.
لكن ماذا لو استطاعت وزارة البلديّة وهيئة الرياضة خصخصة الفعاليّات الرياضية ضمن نطاق الساحات العامة، وإيجاد مستثمرين بإمكانهم تنشيطها طيلة أيام السنة، بحيث يعود ريعها الاستثماري إلى الجهات الحكوميّة، ويستفيد القطاع الخاص من الإقبال المجتمعي على تلك الأنشطة المنظمة والمبتكرة، ويعيش المجتمع وسط أجواء صحيّة وبيئة جاذبة لممارسة الرياضة.
كل ما نحتاجه في هذا التوقيت التنسيق والتكامل بين الأجهزة الحكوميّة المعنيّة بالرياضة والمجتمع، وإيجاد حلول تلائم مختلف الفئات السكانيّة بمشاركة القطاع الخاص، إلى جانب تفعيل الموارد القائمة بأساليب حديثة تنسجم مع التجارب الدولية الناجحة. وأجزم بأن مجتمعنا سيتلقف تلك المبادرات بلهفة، وسننجح في بناء مجتمع رياضي سليم بدنيًا وذهنيًا ونفسيًا.