أحمد المغلوث
لا يختلف اثنان على أن «وزارة الثقافة» التي صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بإنشائها على أنها وليدة هذا العهد الزاهر، عهد الرؤية والطموح والتطلع. وثمرة من ثمرات وطننا الحديث الذي بات يتور يومًا عد يوم، وبإيقاع سريع يتناسب مع إيقاع العصر. والحق أن هذه الوزارة الجديدة «الثقافة» كانت حلمًا يراود أجيالاً من أبناء الوطن، نظرًا لكونهم يعلمون علم اليقين أهمية «الثقافة» والدور الكبير الذي تلعبه في مختلف المجتمعات، لذلك نجد أن وزارات الثقافة في العديد من دول العالم تعتبر من الوزارات السيادية والمهمة. وبدأ وجودها في هذه الدول على أثر التطور والاستقلال والابتعاد عن سلطة الأوهام والظنون، فكانت الثقافة والاهتمام بها هي الطريق المستقيم الذي سلكته مختلف المجتمعات باتجاه النمو الفكري والمعرفي والحضاري، حيث أخذت الثقافة بالمجتمع الذي توجد فيه إلى الأمام حيث العالم الحديث والحضارة المتطورة والمتنامية. ولقد شغلت الثقافة المجتمع الإسلامي مبكرًا، إذ اهتم الإسلام بالأخذ بالعلم والمعرفة والانفتاح على العالم من خلال فتح مجال الترجمة، فكان لهم الدور البارز في تزعم العالم القديم في سيادة العالم في جوانب المعرفة والعلم والطب بل في مختلف ميادين الحياة. فكانت الثقافة في العالمين العربي والإسلامي عميقة الجذور مما جعل الغرب يقوم بدور عكسي في ترجمة الكتب العربية والإسلامية وفي مختلف المجالات، كون العالم الإسلامي أيامها يتمتع بحضارة وثقافة عظيمة وتقدم متطور، وكانت العواصم العربية بغداد ودمشق والقاهرة زاخرة بالمكتبات ودور العالم والمعرفة في وقت كان الغرب فيه ينام في سبات الجهل وحتى الهمجية الممجوجة. لذلك ومع بزوغ عصر النهضة سعى الغرب لإرسال طلاب العلم والثقافة والمعرفة إلى عالمنا الإسلامي لينهلوا من علومه ويستفيدوا مما أبدعه علماؤه المسلمون في مختلف العلوم. إيمانًا منهم بأهمية الثقافة والقيمة العظيمة التي أوجدتها رسالة دينهم العظيم، هذا الدين الذي سحرت ثقافته قلوب كل من سمع عنه أو قرأ شيئاً مما ترجم من القرآن الكريم. وجيل بعد جيل نهل الغرب من الثقافة الإسلامية والعربية فوظفوها في العديد من مجالات حياتهم. خصوصًا أن الإسلام حرر عقول أتباعه من الخرافات والأوهام. فبات الإنسان المسلم يتطلع إلى الكون من خلال نظرة علمية دقيقة واعية ومؤمنة. وبالتالي ساهم العالم والمثقف المسلم في ترقيةمختلف العلوم وازدهارها. من خلال ما أبدعه المثقف المسلم من أعمال ونشاطات متعددة ليست في مجال معين، بل في جميع ميادين الحياة. وهذا لم يتأت إلا من خلال «الثقافة المعرفية» التي هي حجر الرحى في عمليات الإبداع الإنساني. ومن هنا نجد أن المثقف السعودي وعلى اختلاف مجالات إبداعاته في مختلف مجالات الثقافة والفنون شعر بسعادة عظيمة، لا سبيل في وصفها في نطاق كلمات. وإنما جسدتها تلك المشاعر الفياضة التي كانت وليدة اللحظة، لحظة سماع خبر إنشاء هذه الوزارة الحلم الذي حققته قيادتنا الحكيمة، فضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالتغريدات المعبرة عن مشاعر الامتنان والتقدير لهذا الأمر الملكي الكريم والسامي، الذي أسعد الجميع. فهنيئاً لنا بهذه الوزارة «الثقافة» والثمرة اليانعة التي نأمل أن يستفيد منها الجميع في هذا الوطن المعطاء، الزاخر بالمبدعين من كلا الجنسين، الذين اتسمت أعمالهم بالابتكار والإبداع في مجالاتهم المختلفة من فنون وأدب وموسيقى، أعمال تؤكد حيويتهم وإبداعهم المتجدد، والذي يجسد في الوقت ذاته رؤية الوطن. كل الوطن..؟!