بين الفينة والأخرى يظهر في مجتمعنا (قضية) يصل تأثيرها إلى معظم أفراد المجتمع للحديث والتعبير عنها إما من خلال الكلام المنطوق في المجالس والاجتماعات أو من خلال الكتابة عنها في وسائل التواصل الاجتماعي كتويتر والواتس أب ونحوهما.
والسبب في انتشار الحديث عن هذه (القضية) بين معظم أفراد المجتمع قد يكون لعدم اعتيادهم عليها فهي تخالف وسائل الضبط الاجتماعي في المجتمع كالدين والأخلاق الحسنة والقانون والعادات والتقاليد البناءة التي طالما تمسكوا بها لتوجيه سلوكياتهم في المجتمع لفترة طويلة من السنين.
وتكمُن خطورة المشكلة هنا حينما تهدف هذه (القضية) إلى هدم عقيدة الإسلام وزعزعة أمن المجتمع.
فلا عزة لأفراد المجتمع إلا بالتمسك بالإسلام, كما أنّ الأمن يضمن حفظ حق كل فرد من أفراد المجتمع.
ومن أخطر هذه القضايا التي تحدث في المجتمع «التطرف» أو ما يُسمى أيضاً «بالغلو», فالتطرف والغلو مصطلحان يؤديان لنفس المعنى, فالتطرف مصطلح معاصر معترف به لدى دول العالم, أما الغلو فمصطلح شرعي معترف به لدى الدول الإسلامية.
ويُقصد بالتطرف هو مُنتهى الغلو في العقيدة أو الفكر أو المذهب أو غيره, أما الغلو فيقصد به هو مجاوزة الحد الشرعي أو العرفي المعتبر بإفراط أو تفريط.
وقد حذرنا الله تعالى من الغلو في كتابه الكريم في قوله: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ }، كما حذرنا أيضاً نبينا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم من الغلو في حديث: (إياكم والغلوم في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين).
و على النقيض تماماً من التطرف فإن من أخطر القضايا التي تحدث في المجتمع «الانحلال» والذي يقصد به انحراف السلوك عن معايير وقيم المجتمع المعترف بها.
فالتطرف والانحلال داءان ينخران في المجتمع لإضعافه ومن ثم سقوطه, لذا ينبغي القضاء عليهما, مع التنبيه بأنه لا يصح محاربة جانب وإهمال الجانب الآخر, فكلاهما يفسدان ويضران أفراد المجتمع.
وهذا ما أكد عليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله حين قال: «لا مكان بيننا للتطرف والانحلال ولمن يستغل عقيدتنا السمحة لتحقيق أهدافه».
لذا فالحل هنا لمقاومة التطرف والانحلال يكمن في الاعتدال أو الوسطية.
ويقصد بالاعتدال هو التوسط في الأمور بحيث لا يطغى جانب على آخر بلا إفراطٍ ولا تفريط.
وقد يكون الاعتدال في الماديات بين طرفين متساويين في المقدار والمسافة.
كما قد يكون الاعتدال في المعنويات بين صفتين مذمومتين, مثل: صفة الشجاعة بين التهور والجبن.
ومما يدل على أهمية اتباع منهج الاعتدال (الوسطية) في حياتنا ما يلي:
1 - وصف الله سبحانه وتعالى للمسلمين بصفة الوسطية, كما في قوله تبارك وتعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}.
2 - حث النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين باختيار منهج الوسطية, كما في حديث: (خير الأمور أوسطها).
3- إقتداء الصحابة بالرسول صلى الله عليه وسلم في السلوك الوسطي بلا إفراطٍ ولا تفريط.
4 - يتصف حال المسلمين في العبادات بأنهم (وسط) بين اليهود والنصارى, فالمسلمون يؤدون عباداتهم من صلاة وصيام وزكاة كما أمرهم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من غير تكلف أو ابتداع, أما اليهود فتهاونوا في العبادات وأعرضوا عنها حتى في يوم السبت الذي أمرهم الله تعالى أن يتفرغوا فيه لعبادته سبحانه, والنصارى تشددوا في العبادات وأضافوا البِدع التي ما أنزل الله بها من سلطان.
5 - يكفل مبدأ الاعتدال (الوسطية) حفظ حقوق أفراد المجتمع.
6 - يضمن مبدأ الاعتدال (الوسطية) تعزيز الأمن بين أفراد المجتمع.
** **
Mosaedsaeed@hotmail.com **** @Mosaedalbakhat