محمد سليمان العنقري
أكدت هيئة العقار أنها لن تتدخل في الأسعار وأن ما يحددها العرض والطلب، هذا ما قاله محافظها ردًا على مطالب من بعض المطورين والمستثمرين العقاريين في لقاء جمعهم قبل أيام ونشرت تقارير عنه في وسائل الإعلام وأكدت الهيئة أن دورها تنظيم السوق وتقف على مسافة واحدة من المواطن والمطور وهو الدور الطبيعي لأي جهة حكومية ذات دور إشرافي ورقابي وتنظيمي، بل هو ما تذهب له رؤية 2030 التي تقوم على عديد من برامج التحول ومن أهمها تغيير الدور الحكومي ليقتصر على الإشراف والتنظيم والرقابة.
فمن الخطأ أن تتدخل جهة رسمية بآليات توجه الأسعار في القطاع الذي تشرف عليه لأن ذلك يفقدها الحياد ويحقق منفعة لطرف من أطراف السوق على حساب آخر، ولذلك فإن رد محافظ الهيئة كان في محله وإلا فإن الهيئة لن تتمكن من لعب دور رئيس في تحويل العقار لصناعة حقيقية ترفع من معدلات تأثيره بالناتج المحلي بالنسب المأمولة لأنه أحد أهم القطاعات في أي اقتصاد، بل إن صحية أي اقتصاد أحد قياساتها يكون القطاع العقاري.
إن مصلحة الاقتصاد ليست في رفع أسعار العقار ولا انهيارها، بل في تحقيق العدالة السعرية التي تجذب الاستثمارات وتوفر فرصًا واعدة بالتطوير العقاري خصوصًا المنتج السكني بما يناسب كافة الشرائح من حيث الدخل والجودة والمساحة الملائمة فتضخيم أسعار العقار له أضرار كبيرة تماثل انهياره، فالدعوة لرفع الأسعار ليست هي الشيء الصحي، فالتراجع الحالي فيها نتيجة لعوامل اقتصادية صافية منها التغير بانخفاض حجم الإنفاق الحكومي بعد إنجاز كثير من المشاريع في السنوات الماضية تزامن ذلك مع تراجع أسعار النفط والبدء في رفع أسعار الفائدة وأيضًا التغيرات الهيكلية بالاقتصاد الوطني والأهم أن دورة ارتفاع أسعار العقار انتهت بعد موجة طويلة كان لا بد أن يكون لها نهاية لتبدأ مرحلة تصحيحية تعيد الزخم من جديد للسوق العقارية، فالمبالغة في الأسعار ارتفاعًا تقلص شرائح الراغبين بالشراء، هذا بخلاف الآثار التضخمية التي يلعب العقار دورًا كبيرًا فيها أي أن الأضرار من تضخم أسعار العقار ووصولها لحد الفقاعة لها أبعاد سلبية كبيرة وكذلك الانهيار له آثار سلبية لأنه يسبب شللاً في أعمال التطوير وعزوف عن الاستثمار وانخفاض في حجم التمويل نظرًا للشكوك التي تطغى على مستقبل السوق.
إن المطالبة بالتدخل لرفع الأسعار يماثلها المطالبة بخفضها من جهة أخرى ولذلك أن الطلب المنطقي من الهيئة هو تنشيط السوق وتنظيمه وتحفيزه للنمو فزيادة المنتجات المناسبة لكل الشرائح ستسهم بارتفاع الطلب وتحريك السوق أما المطالبة برفع الأسعار فهي لا تخدم المطور لأن القوة الشرائية للفرد هي من يتحكم بنهاية المطاف في السوق لأنها تمثل الطلب الحقيقي المدعوم بمدى الملاءة المالية للفرد الذي لن يشتري عقارًا فوق إمكانيته ولن يحصل على تمويل لمنتج عقاري مبالغ في سعره لأن الممول لن يقبل وسيخضع الأصل للتقييم العادل والمناسب.
دور هيئة العقار تنظيم السوق ودور المطور أن يقرأ المستقبل ويخرج بمنتجات مناسبة، فالزمن لن يعود للوراء والعوامل التي أثرت في النمو الاقتصادي الذي رفع الأسعار بالسنوات الماضية تغيرت ونحن الآن على أعتاب دورة نمو مستدام مليئة بالفرص لمن يقرأها وكذلك المواطن أصبح اكثر وعيًا ومعرفة باحتياجه ولن يشتري عقارًا أعلى من قيمته العادلة لذلك فإن دور المطورين ابتكار المنتجات الجاذبة وتقديم الحلول الذكية في السوق العقارية ليكونوا رواد هذه الصناعة الاستراتيجية.