د.عبدالعزيز العمر
ما الفرق بين (الدماغ) و(العقل)؟ لقد اشغلت هاتان المفردتان الفلاسفة والتربويين على اختلاف توجهاتهم الفكرية. بداية يمكن القول إن الدماغ مادة محسوسة لها كتلة، في حين أن العقل معنوي غير مادي، العقل يمثل هوية الشخص وخلاصة تجاربه وخبراته الحياتيه، وعمومًا يمكنك أن تنظر إلى الدماغ باعتباره الجهاز التنفيذي للعقل، أي أن الدماغ يستقبل المعلومات، ويقوم بتحليلها بتجرد تام، ويجري عمليات مقارنات وعمليات ربط ونقد، ومن ثم يرتب القرارات بحسب منطقيتها، تاركًا للعقل اختيار القرار. في بعض الأحيان تتدخل العاطفة والهوى والميول لتؤثر على اختيار العقل، هنا قد يتجاهل العقل ما وصل إليه الدماغ (آلة التفكير) من قرارات منطقية. والواقع أن الدماغ ليس آلة للتفكير فحسب، بل هو يؤدي ما هو أبعد من ذلك، فهو يتحكم في ضبط الحركة والإحساس بالعالم الخارجي، ويوجه المشاعر والعواطف والعلاقات الاجتماعية.
لم يثبت علميًا وتشريحيًا أن هناك فروقًا في أدمغة أفراد المجتمعات البشرية باختلاف أعراقها وأجناسها، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا تختلف المجتمعات الإنسانية فيما تحققه أدمغة أفرادها من إنجازات ومكتشفات علمية. الفرق هنا يعود إلى البيئة التي يوجد فيها الدماغ، بعض البيئات الاجتماعية والتعليمية لديها القدرة على إغلاق وكبح وتثبيط كل فرص التفكير، بل إنها لا تشجع إطلاقًا على ممارسة التفكير لكون التفكير في تلك المجتمعات قد يهدد توجهات معينة أو يضر بمصالح أفراد أو مجموعات نافذة. الدماغ لا يمكن أن يمارس عملية التفكير إلا في مناخ من الحرية، فالحرية والأمن الشخصي شرط أساسي لكي يمارس الفرد أعلى مستويات التفكير. في بيئة من القمع والخوف والتحقير يتوقف الدماغ تمامًا عن التفكير. السؤال الآن هو: هل توفر مدارسنا لطلابها بيئة تعليمية تضمن لهم الحرية والأمان والاحترام لتطرح تساؤلاتها وأفكارها.