فوزية الشهري
«الفضاء السيبراني» بات تعبيراً مُتداولاً حول العالم يُشير إلى كُلّ ما يرتبط بالشبكات الحاسوبية والإنترنت والتطبيقات المعلوماتية، الآباء والأمهات ينتابهم الذعر من أخطاره على الطفل وعادة يتكرر طرحهم لهذا السؤال ماالعمر المناسب للطفل لكي يتعامل مع شاشات الكمبيوتر؟؟ ولكنهم ربما يتجاهلون أو يجهلون أن إدمانهم للإنترنت والانشغال به عن التواصل مع أطفالهم يعد خطراً أيضاً على نمو الطفل الطبيعي.
هل تعرف أنه من المهم حقاً أن تنظر إلى وجه طفلك ؟ الإطعام للطفل ليس كافياً ولا العناق والقبلات السريعة كافية، يحتاج الأطفال لمن يتحدث معهم ويداعبهم ويحتاجون إلى التواصل بالعينين وهذا ماتسرقه الأجهزة من أطفالنا في الأوقات التي نقضيها معهم.
من خلال تعبيرات الوجه وحبك واهتمامك وحتى عصبيتك بين فترة وأخرى بها ينتعش الأطفال ويكبرون ويتعلمون، فإذا حصل تواصل سليم مع الطفل من خلال التفاعلات المستمرة مع والديه، يتشكل قالب الشخصية الذي يشكل الارتباطات العاطفية ويصبح الطفل واثقاً بنفسه ويتفاعل مع الآخرين بسهولة.
يفضل الطفل لمسات الحنان على الطعام وقد أجرى عالم النفس الأمريكي هارلو دراسة على قرود صغار ماتت أمهاتها وأتاح لهم الخيار بين اثنتين من الأمهات البديلة إحداهما مصنوعة من أسلاك ومعها زجاجة حليب والأخرى من قماش ناعم دون حليب كل الصغار فضلت الأم المصنوعة من القماش الناعم وأمضت أيامها في معانقتها ولا تذهب للأم الأخرى إلا عند الرضاعة، مثل القرود يتكون الارتباط العاطفي لدى البشر في مراحل مبكرة وثمة نوافذ لتشكيل الإدراك إذا أغلقت تلك النوافذ ربما يصبح الطفل معاقاً من ناحية التطور العاطفي.
صبي روسي تربى في غرفة مع عشرات الطيور، أمه المهملة كانت تعامله كأنه حيوان مدلل، عندما بلغ عمره السابعة تم إنقاذه بواسطة الخدمة الاجتماعية فلم يكن يستطيع الكلام، وحين كان يرغب في شيء يزقزق ويرفرف بذراعيه فمن أوصله إلى هذا الحال؟؟
الملاحظ وجود الجمعيات والمنظمات المطالبة بحماية الطفل ورعايته، ولكن من المؤسف أنه في بيئتنا الحالية المتخمة بوسائل الاتصال والتي تشكل خطراً على الطفل سواء باستخدامها مباشرة أو الانشغال بها عنه، فإنه لا توجد حملات لتحذير الآباء والأمهات من خطر ذلك ولا أحد يتحدث عنها أو تشغله إلا من لديه اهتمام بالسيكولوجية السيبرانية، لذلك يجب علينا إطلاق الحملات وعمل الندوات وتوعية المجتمع.
هذه بعض الآثار التي تصيب الطفل عندما ينشغل الوالدان بالأجهزة عنه وسنتطرق لآثار استخدام الفضاء السيبراني الناتج عن استخدام الطفل له في المقالات القادمة.
الزبدة:
خطر الفضاء السيبراني على طفلك لا يكون فقط باستخدام الطفل له بطريقة خاطئة بل أيضاً بانشغالك عنه، فيجب أن تضع بذهنك أن عدم التفاعل والتواصل البصري مع طفلك يمكن أن يؤدي إلى تخلف خطير في النمو.