د. محمد عبدالله العوين
أتيحت لي فرصة رائعة للقاء الشيخ حمد الجاسر بعد أن تم إعلان اسمه مع اثنين آخرين هما الأستاذ أحمد السباعي والشيخ عبد الله بن خميس فائزين بجائزة الدولة التقديرية الأولى في الأدب عام 1403هـ فقد كلفت من قبل إذاعة الرياض والرئاسة العامة لرعاية الشباب بإجراء حوارات طويلة مع الفائزين بالجائزة.
هاتفت الأستاذ حمد أطلب لقاءه فحدد الموعد تمام التاسعة من صباح يوم 4-1-1404هـ ولا شك أن لقاء العلامة يستوجب استعدادًا غير عادي من حيث الحرص على الحضور المبكر قبل الوقت المحدد، ومن حيث عدم تفويت أية سانحة أو بارحة يمكن أن تفتح أبواب الحديث مشرعة على سيرته وكفاحه العلمي والعملي وتجربته الثرية في الصحافة وبحوثه المعمقة الطويلة في الأنساب والجغرافيا والتاريخ والأدب.
لم أكن أعرف أين يقع بيت شيخنا الجليل، وقد وصف موقعه لي بالهاتف وصفًا لم ينطبق على بحثنا عنه بين شوارع جانبية تتفرع من شارع العروبة على يسار عابره المتجه شرقًا، ولكن أقرب معلم دل عليه كونه يقع خلف مجلة الفيصل التي كان مقرها على شارع العروبة، وجدت باب المنزل مفتوحًا مشرعًا على فناء واسع ممتد وداخل هذا الفناء الفسيح تقف سيارة كبيرة ينزل منها عمال لفات كبيرة من السجاد الذي تفرش به المنازل الجديدة عادة؛ فعلمت أن منزل الشيخ هذا جديد ولا زال لم يستكمل تأثيثه بعد، ووجدت الشيخ حاسر الرأس يمشي بخطى متئدة وعيناه مصوبتان إلى الأرض وكأنه ينتظر زوارًا، أو كأنه يفكر في أمر يشغله، ويبدو أن الأمر كذلك؛ فنحن قد أضعنا خمس دقائق تقريبًا في السؤال عن المنزل، ولكن سرعان ما انطلقت أساريره وتدفقت كلمات الترحيب على لسانه، وسألته أين سنجري اللقاء؛ فقال ضاحكًا: هنا، وأشار إلى فناء المنزل الضاج بحركة العمال الذين ينزلون السجاد من السيارة الكبيرة، ثم عقب قائلاً: تمهلوا قليلاً، فنحن ننتظر أيضًا صحافيين مثلكم يودون أن يجروا معي حديثًا، وما هي إلا التفاتة على الباب المؤدي إلى الشارع فإذا بالأستاذين محمد الوعيل وجاسر الجاسر قادمين من جريدة الجزيرة لإجراء حوار طويل مع الأستاذ حمد بعد فوزه بجائزة الدولة.
أخذ حوار الجزيرة ساعة أو تزيد قليلاً، وكنت مستمتعًا بتدفق الأستاذ في قصصه ومواقفه وآرائه ومصطادًا منها ما يثري حواري معه بعد قليل.
كنت أشعر أن «الجزيرة» سرقت مني بعض وقتي الذي منحه لي الأستاذ؛ ولكنني أنا أيضًا ابن الجزيرة فما تغتنمه كأني كسبته، وهذا الحوار الذي يجريه الزميلان سينشر في ملحق خاص بالمناسبة يوزع يوم الاحتفال، وسأكتب فيه مقالاً طويلاً عن لقائي مع الفائزين الثلاثة.
ماذا تريد أن تسأل عنه يا ابن عوين؟ هكذا بدأ الأستاذ تسخين الحوار قبل أن تدور بكرة التسجيل، قلت: لن أدع شاردة ولا واردة إلا سأسأل عنها. قال: حيهل! يتبع