د.عبدالله الغذامي
صراع الشرائح السعودية في تويتر يشبه حالة المرايا المتجاورة، حيث يعكس بعضها بعضاً، في أنماط المسلك اللغوي والذهني، ويعم بينهم استخدام الصفات المتوحشة ضد بعضهم بعضاً، ويشتركون في القمعية والإقصائية والنبذ المعنوي والإلغاء، فمن يصف نفسه بالليبرالي يستخدم صيغاً مثل الظلاميين والخونة في وصف شريحة توصف بالمتأسلمة، وهذه الأخيرة ترد بوصف خصومها بالتصهين والنفاق، وبين هذا وذاك ستتلاشى قيم الإسلام المتمثلة بالحديث الشريف: (ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البذيء) وينسى المتأسلمون أن وصف المنافق وصف خطر، ولا يعلم في القلوب إلا الله، وما قال مؤمن لمؤمن يا كافر إلا باء بها أحدهما، وفي المقابل فإن المتلبرل ينسى قيم الليبرالية في حرية التفكير والتعبير، والاثنان معاً ينسيان قيم المروءة الاجتماعية التي تعف عن الشتائمية وسوء القول والمخاطبة، وكلاهما يغفل عن شروط اسميته الذاتية وبعضهم حملة دكتواره وأهل مواقع مهمة رسمياً واجتماعياً وثقافياً، ولكنهم في تويتر يتحولون إلى شوارعيين (حسب المصطلح الشعبي في وصف هذه السلوكيات اللغوية والتلفظية)، وهنا فإنك في تويتر ستكون على فرجة من مشهد للمرايا المتجاورة، حيث تعكس هذه تلك وتعود الأولى لتعكس ما كانت عكسته على مقابلتها، وتظل اللعبة الثقافية تنتج ذاتها عبر توحشها المعنوي واللغوي والسلوكي، كل هذا لأن المشاركين في المصارعة كانوا، فحسب، مختلفين في قراءتهم للوقائع أو في ميولهم التحزبية والسياسية والفكرية، وهذه بالتالي سمات الفئات المزعوم أنها نخب، وهي من تقدم أسوأ النماذج الثقافية وأقبح الهجائيات، وليس فيهم (حد أحسن من حد) . وتظل تويتر هي الكاشفة المكشوفة - كما طرحت في كتابي عن ثقافة تويتر - .