سمر المقرن
من المهم، أن نُفرّق بين جلد الذات ونقد الذات.. فالأول هو مجموعة من المشاعر السلبية النابعة عن الشعور «المَرضي» لدى الإنسان نفسه وبالتالي لكل ما هو حوله، هذا الإنسان عاجز تماماً عن رؤية الأشياء الجميلة، ونظرته السوداوية تمنعه تماماً من تلمّس الإيجابيات، إذ أن لديه القدرة على تحوير كل الإيجابيات إلى سلبيات، بل إن لديه القدرة الفائقة على تبرير هذه النظرة، لأن الغطاء الداكن يحجب كافة حواسه العاجزة عن التقاط الجماليات من حوله. بينما نقد الذات لا يصل لها الإنسان إلا إذا بلغ حالة من النضج الفكري، لأن القادر على نقد الذات هو شخص يملك قدرات على قراءة كل ما حوله بلا استثناء، يمتلك القدرة على التقييم والتمحيص وتقديم النقد البنّاء الذي يهدف إلى تلافي ما يعترض الطريق من أمور سلبية وتعديلها وتحسينها بهدف الرقي للأفضل.
أقول هذا، وقد كان النقاش واسعاً في الأيام الماضية عبر بعض الأحداث التي فتحت هذه المواضيع، بعد أن تحدث أحدهم عن المهاجر غير الشرعي من الجنسية المالية الذي أنقذ طفلاً من السقوط من بناية في باريس، ما جعل الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) يمنحه الجنسية الفرنسية، وهذا عمل عظيم، لكن أحد المغردين لم يوفق أبداً في مقارنته هذا الموقف بواقعنا، لأن الواقع عكس ما ذكره المغرّد، فأهل هذا البلد الطيّب فيه الخير الكثير، وأفراد المجتمع لدينا مشهور عنهم «الفزعة».
في الوقت ذاته، من يقوم بالنقيض وبعيداً عن الواقع في تمجيد كل شيء، ويرفض أي نوع من أنواع النقد البناء، فهذا ضرره على المجتمع لا يقل عن صاحب شخصية جلد الذات، لأنه لا يسعى إلى أي نوع من أنواع التغيير للأفضل، ولا يرى وجود أي موقف أو حدث يستحق النقد الإيجابي، ويتصف هذا النوع من البشر -غالباً- بامتلاك صكوك الوطنية، فلو انتقدت الرصيف المكسور سوف يهاجمك مباشرة ويصفك بغير الوطني، وفيه من المشاعر المتطرفة الكثير التي تُترجم عبر سلوكياته السلبية!
جميل جداً، أن يصل الإنسان إلى مرحلة الوعي بنقد الذات، هذه المرحلة فيها حالة صفاء جميلة جداً في التصالح مع الذات الذي يجعل الإنسان يشعر تلقائياً بحالة التصالح مع كل الأشياء من حوله.