موضي الزهراني
لما يشكله التحرش من خطورة على أمن المجتمع واستقراره الاجتماعي، كان لأمر ملك الحزم والعزم الملك سلمان حفظه الله بتاريخ سبتمبر 2017م لوزارة الداخلية بإعداد «مشروع نظام مكافحة التحرش» ترحيباً واسعاً على جميع المستويات الاجتماعية والعملية والتشريعية! حتى تم صدوره الأسبوع الماضي في جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 28 مايو 2018م وذلك بعدما تم الموافقة على مواده الثمانية والتي تشمل عقوبات متنوعة تضمنت حتى الفئات الخاصة وحمايتها، وخاصة عقوبة البلاغات الكيدية! فهذا النظام يختلف عن نظام الحماية من الإيذاء والذي تنص إحدى مواده «إعفاء المُبلغ حسن النية من البلاغ الكيدي الذي يتعلق ببعض الأحداث الخاصة بالعنف الأسري وما يكتنفها من تبريرات مرتبطة بنوعية العنف نفسه وبالذات «العنف النفسي»! لكن نظام التحرش يختلف لارتباطه بنوع حساس جداً من أنواع الإيذاء ألا وهو «الإيذاء الجنسي» الذي قد يتعرض له مختلف الفئات، وليس قصراً على النساء فقط، وقد يحدث في مواقع عمل حساسة، أو دور إيواء متوقع منها الحماية للضعفاء، أو داخل المؤسسات الإصلاحية! لذلك لا بد أن تكون البلاغات مثبته بالأدلة ولا تخضع للشكوك والتخمينات، أو تشويه السمعة للمبلغ ضده! ولكن لأهمية تطبيق هذا النظام بدون المساس بكرامة المُبلغين فإننا بحاجة لإجراءات هامة جداً تتبناها الجهة المسؤولة عن إعداده ألا وهي «وزارة الداخلية» لثقلها الأمني ومكانتها الداخلية وشأنها العظيم في معالجة قضايا هذه الأنظمة الحساسة، وهي كما يلي:-
- يحتاج النظام للائحة تنفيذية تسلط الضوء أكثر على مواده، مع توضيح دقيق لأنواع التحرش بالآخرين وخاصة «التحرش الإلكتروني»!
- لا بد أيضاً تحديد الجهة المسؤولة عن استقبال بلاغات الجهات والمواطنين وكيفية التعامل معها، منعاً لتداخل الأدوار مع الجهات الأخرى، خاصة أن لدينا أرقام تستقبل بلاغات للعنف الأسري 1919، ولمساندة الأطفال 116111، وللبلاغات الأمنية 911، ولكن هل سيكون لها دور في استقبال بلاغات التحرش الجنسي من عدمه؟
- وباعتبار أن التحرش الجنسي يُعدّ جريمة، وكان في السابق الطرف الأضعف يتنازل خوفاً من الفضيحة، أو لعدم اكتمال الأدلة، وتخضع فيه العقوبات للسلطة التقديرية من القاضي، وقد يتم التنازل كثيراً عن حقوق المتعرضين للتحرش تحت تأثير عواقب الفضيحة وطلب الستر! إلا أنه بعد صدور النظام سيكون بلا شك رادعاً لمن لا أمانة له! مما يتطلب من الجهة المسؤولة عن تطبيقه أهمية إطلاق البرامج التوعوية لمختلف الفئات من خلال التطبيقات الإلكترونية تحمل توجيهات توعوية وتحذيرية لكل من تسول له نفسه عدم احترام الأنظمة وعقوباتها!