استنشاق دخان الحريق في نهار رمضان
* حدث حريق في أحد الأسواق التي أعمل بها، وذلك في نهار رمضان، وقد قمتُ بمساعدة رجال الإطفاء بالإطفاء، واستنشقت إثر ذلك كثيرًا من الدخان، فما حُكم صيامي؟
- إذا حدث مثل هذا الحريق، واضطر إليه، والمساعدة في مثل هذا متعينة لمن يقدر على ذلك، فإن أمكن مع إتمام الصيام تعيّن عليه ذلك مع إتمامه إذا كان في رمضان -كما في السؤال- وإن لم يتمكن من ذلك إلا بالفطر فله ذلك؛ لأن هذه ضرورات، تقدر بقدرها، ويُقضى ذلك اليوم، وإن أمكن ذلك مع الاستمرار في الصيام، وطار إلى حلقه شيء غير مقصود من الدخان، فإنه لا يفطر بذلك، وأهل العلم يقولون: إن طار إلى حلقه ذباب أو غبار لم يفطر؛ لأنه لم يقصد ذلك. ويرد السؤال كثيرًا عن البخور هل يتطيب بها وهو صائم؟ نقول: في رمضان يتقيها؛ لأنها قد تنساب إلى جوفه من هذا الدخان، وهو باختياره. والصيام فرض فلا يتطيب في نهار رمضان بالبخور. وأما في التطوع فعليه أن يحرص على ألا يصل إلى جوفه شيء، وإن اتقاه فهو حسن، لكن ليس مثل الفرض، وإن ذهب إلى جوفه من هذا الدخان من غير قصد فإنه في حكم الذباب أو الغبار الذي يصل إلى الحلق من غير قصد؛ فلا يؤثر على الصيام -إن شاء الله تعالى-.
* * *
فعل العادة السرية في نهار رمضان
* ما الحكم على من أتى العادة السرية في نهار رمضان؟
- أولاً العادة السرية محرمة؛ لأن الله -جل وعلا- قصر الفروج، وأمر بحفظها إلا على الأزواج أو ما ملكت الأيمان، ومن تعدى هذين الأمرين من الأزواج وما ملكت اليمين فإنه متعدٍّ، والعدوان لا يجوز {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 7]. ولكن إذا حصل في نهار رمضان زادت الحرمة؛ لاحترام الشهر. وإذا أنزل بسببها الماء في نهار رمضان وهو صائم دفقًا بلذة فإنه أتى مفطِّرًا، ويلزمه الغسل حينئذٍ، وأما الكفارة فلا تجب إلا بالجماع؛ فهذا ارتكب محرمًا؛ وعليه التوبة والاستغفار، وألا يعود، وعليه قضاء ذلك اليوم. وأما الكفارة فلا تجب إلا بجماع.
* * *
ختم القرآن كاملاً في التراويح
* هل من السنة في التراويح وقيام رمضان أن يقرأ الإمام القرآن كاملاً على جماعة مسجده؟
- سماع القرآن من الإمام أمر مطلوب، ومرغّب فيه، والمستمع شريك للقارئ في الأجر، وذلك إذا كان لا يشق على المأمومين، يُسمعهم ما لا يشق عليهم وما لا يكلفهم. والأصل في صلاة الليل كما ثبت عنه - عليه الصلاة والسلام - أنها تُطال، ويُكثر فيها من القراءة. وقد ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قرأ في ركعةٍ البقرة ثم النساء ثم آل عمران، لكن لا شك أن الناس إذا صلوا في جماعة قد لا يطيقون مثل هذا. والمطلوب من الإمام أن يخفف على الناس، ولا يشق عليهم، ولا ينفرهم، ولا يكون فتانًا كما جاء في حديث معاذ «يا معاذ أفتان أنت؟!» [البخاري: 705]. على كل حال، إذا كان لا يشق عليهم إسماعهم القرآن كاملًا، ولاسيما أن الناس في العصور المتأخرة صاروا لا يتحملون مثل هذه الأمور؛ لذا يقل أن تجد من الأئمة من يختم القرآن؛ كل هذا لأنهم عودوا المأمومين على قراءة شيء يسير في الركعة، وكان إلى وقت قريب الناس يختمون القرآن في ليالي رمضان مرة أو مرتين، وبعضهم يختم ثلاث مرات، والناس يتجاوبون مع هذا، ولا يتذمرون، ولا يتضايقون، لكن الناس على ما عُوِّدوا مع الأسف. وفي الحقيقة، إن الذي يتعامل مع الله في مثل هذه المواطن هو القلب وليس البدن.. ووُجد من كبار السن من يتحمل القيام الطويل، ووُجد من الشباب الممتعين بالصحة والسلامة والقوة والجَلَد من يتضايق إذا زاد الإمام آية واحدة! فعلى الإنسان أن يوطّن نفسه على الخير، وأن يصبر عليه، وإذا عوّد نفسه تعوّدت، لكن الإشكال إذا تساهل في مثل هذا الأمر، واستمر على هذا التساهل، فإن مثل هذا التساهل لا نهاية له؛ فنجد من يتذمر من قراءة نصف صفحة من الشباب مع الأسف. ولأئمة المساجد دور في مثل هذا؛ إذ عودوهم على ذلك، وتجد الناس يزدحمون على المسجد الذي إمامه يخفف إلى هذا الحد أو أقل، وتُهجر المساجد التي يُقرأ فيها أكثر من هذا القدر. المسألة هي ليالٍ معدودة، وأيام تنتهي في ليالٍ فاضلة، وأوقات مضاعفات.. فعلى الإنسان أن يحتمل ويصبر ويتحمل، فإذا قرأ الإمام القرآن كاملًا وأسمعه الناس لا شك أن هذا أفضل وأكمل، وإن كان يشق عليهم ذلك، ولاحظ المأمومين وفيهم مَن لا يحتمل مثل هذه الأمور، فخفف عنهم، فهو مأجور -إن شاء الله تعالى-.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء