فهد بن جليد
عقوبات نظام مُكافحة الجرائم المعلوماتية سيكون أثرها أكبر، وأكثر (ردعاً) عندما نقرأ ونسمع عن تطبيقها عملياً، لتُصحِّح مسار التعبير الإلكتروني محلياً، وتدعم حرية الكلمة المُنضبطة والصادقة والمسؤولة والنزيهة أكثر، فتصفح (تويتر) وإخوته - أشبه اليوم - بالمشيء في حلبة مُلاكمة، تخيَّل لو أنَّ (الكلِمات المؤذية) التي نقرأها ونتعرض لها في الكثير من وسائل التواصل الاجتماعي تحوَّلت في أثرها لتوازي بالفعل أثر (اللكمَات الموجعة) على الوجه سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة، كيف ستبدو أشكالنا في كل مرة؟ قيل (ألم وجرح) الكلمة المُسيئة وأثرها أشدُّ من (وجع وأثر) اللكمة المتوقع أن تزول بفعل الوقت حتى لو لم يتم علاجها.
وزارة التعليم تُحقق في تغريدة (المُعلم المُسيء)، المديرية العامة للدفاع المدني تتوعد باتخاذ إجراءات قانونية (لمُغرِّد) قام بالإساءة لمنسوبيها في تعليق وتهكُّم حول فيديو (إنقاذ) كان ذلك في هذا الأسبوع فقط، وغيرها أخبار عديدة ومتنوعة لتعقب مُسيئين، ليتأكد أنَّ ما نحتاجه اليوم هو إعلان تطبيق العقوبة، حتى يكسب المُجتمع مزيداً من الحرية لصدِّ (التنمُّر الإلكتروني) ومنع مزيد من الإساءات، هذا المشهد صحي وليس (احتقاناً) أو مُصادرة (لرأي) مُغرِّدين كما تصفه بعض المواقع والقنوات المُعادية، بل هي خطوات وطنية حضارية تتوافق مع نسق حفظ حريات الجميع، بمنع استغلال هذه (المنابر) غير المُقيَّدة في مُجتمعنا، للإساءة للآخرين وقذفهم وتشويه سمعتهم زوراً وبهتاناً، وهي تصبُّ في مسار التصحيح الطبيعي (المُطبَّق) لدى أكثر المُجتمعات حرية وديموقراطية، عندما يتم إجبار أشخاص أو مؤسسة على حذف (تغريدة) متى ما اعتبرت مُسيئة أو عنصرية أو مؤذية لشريحة أو فئة في ذلك المُجتمع، وفي هذا (أمثلة) أمريكية وأوربية عديدة، بل إنَّ موقع تويتر نفسه بدأ في استهداف التغريدات التي يُعتقد أنَّها مُسيئة ليمنعها من الظهور (لعموم المُشتركين).
ما نحتاجه اليوم - بموازاة ذلك - ونحن الشعب الأنشط والأكثر تفاعلاً وأثراً في المنطقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي -بشهادة الجميع- هو مزيد من (المُبادرات والحملات) الخلاَّقة والبناءة والإيجابية، التي يُفترض أن ترعاها وتتبناها شركات الاتصالات المُستفيد الأكبر(مالياً) من رسوم خدمات تصفح المُشتركين واستخدامهم للتقنية، هذا ليس بكثير إذا ما عرفنا أنَّ (صحيفة خليجية) واحدة، تبنت مُنذ أعوام مُبادرة مُبسَّطة للتعليق (بإيجابية)، ما زال أثرها باقياً حتى اليوم.
وعلى دروب الخير نلتقي.