لا تستقيمُ الحياة بلا (ضوابطِ)، ولا سعادةَ إلا بقوانين تُعين ويُحتَكَمُ إليها، ولاشكَّ أنّ وجود (القوانين) يكفُل للجميع الأمْنَ والسعادةَ, ومِن المفارَقاتِ أنَّ القوانين تُسَنُّ في الدول والمدرسة والشارع وأماكن العمل، ولكننا (نغفلُ) عن سَنِّ القوانين في أهمِّ (مؤسسة) ألا وهي الأسرةُ؛ فتجدَ (الفوضى) تعمُّ في كثير من البيوتِ؛ فكلٌّ يُغنّي على ليلاه، ويعمل ما يروقُ له! ينام متى شاء، ويأكل متى شاء، ويخرج متى شاء، ويأتي متى شاء! ووجود أمثال تلك (القوانين) راحة واطمئنان للكبير والصغير حتى وإنْ بدا أنها تحوي على شيء مِن الضغط وتقييد الحرية!
وأقول: لاتربيةَ بلاحزمٍ وضبطٍ، فإنكَ إنْ رحمتَ بكاءَ صغارِك -كما يقول ابنُ الجوزي- لم تقدِرْ على فطامهم، ولم يمكنك تأديبهم، فيبلُغون جهلةً فقراءَ. ووجودُ قوانين منزلية (ضمانةٌ) لجعْل أفراد الأسرة أكثر ترابطًا وتفاهُمًا, كما ستؤسِّسُ لعقلياتٍ أكثرَ جديةٍ وانضباطًا, ومعها ستنحسرُ المشكلاتُ الأسَرية, ولن يكونَ لعنصر المفاجأة في العِقاب حضورٌ, كما أنها ستنظِّمُ الحياةَ وتحفظُ الحقوقَ، وحضورُها يحفظُ كرامةَ الأولاد وسلامتهم، وكذلك حقوق الآباء في الاحترام والراحة, وأهم من هذا أننا سنضع (لبنة) صالحة في مجتمعنا، وسنربي لأجيالٍ قادمةٍ، وسنُخْرج للمجتمع (صُنَّاعًا) مؤثِّرين في الحياة، ومن شروط تلك القواعد:
1. اشتراك أفراد الأسرة ما أمكنَ فيها.
2. توضيح: لماذا أُقِرَّت؟ وشرْح المكاسبِ منها.
3. صياغتها بعبارة سهلة مختصَرة.
4. طباعتُها، ووضعُها في مكانٍ بارزٍ في المنزل.
5. مراعاة خصائص النمو والمرحلة العمرية.
6. الوضوح فيما يترتبُ على عدم التطبيق.
7. الجديَّة في التطبيقِ وعدم التساهُل، خصوصًا في البداياتِ.
8. ألَّا تكونَ تعسُّفيةً وجائرةً.
9. أنْ تكونَ ثابتةً؛ لا تخضعُ للأهواء والمزاج الشخصيِّ.
10. متابَعة التطبيق (وهو التحدي الكبير).
فكم هو جميلٌ أنْ يبادرَ الآباءُ لوضع تلك القوانين المنزلية كقوة تربوية هائلة, وسأسردُ عليك جملةً من القوانين؛ فـخُذْ منها ما يناسبُك، ولعلك تجعلُ منها نواةً لوثيقةِ قوانينَ لأسرتك:
1) الصلاةُ في أوقاتها.
2) «مِن فضلِكَ» و»شُكرًا» كلمتان ضروريتان لا يُتنازَل عنهما.
3) لا ضربَ، ولا لعنَ، ولا سَبَّ، ولا كلماتٍ صريحةٍ تخدِشُ الذوقَ أو الحياءَ.
4) عبِّر عن مشاعرك بكلِّ أدبٍ ووضوح.
5) أغلِق ما فتحتَ، وارفَعْ ما أسقطْتَ، واجعل المكانَ في حال أفضلَ مما كان عليه.
6) غرفتُك مسؤوليتُك!
7) الإنصات لأيِّ متحدِّث، وعدم مقاطعتِه.
8) ألقِ السلامَ حالَ الدخول والخروج.
9) لا تدخينَ في البيت من أيِّ شخص كائنًا مَنْ كان.
10) مَن يزورُنا يتقيدُ بأنظمتنا.
11) لا أكلَ داخل الغرف.
12) لا سهرَ بعد الساعة .....
13) الأجهزةُ الذكية ساعةً واحدةً من ..... :......
14) القيام للوالديْن، وتقبيل الرأس واليد.
15) يُمنَع استخدامُ أيِّ جهاز في وقت جلوس الأسرة مع بعضهم.
16) عدمُ التخلف عن وجبة الغداء.
17) الانتهاء من المذاكرة الساعة.....
18) الجميعُ يتحملُ مسؤولية المحافظة على المنزل وممتلكات الأسرة.
19) الكلُّ يخدم نفسه، وعدم أمْر (العامِلة) إلا مِن قِبَل ربةِ البيت
20) الأسرةُ مقدَّمة على ما سواها، وحاجاتُها قبل أيِّ شيء.
21) لا يُدخَل على أحدٍ في عزلته إلا بعد طرْق الباب.
يقول دكتور (محمد راتب): «لا أجد موضوعًا ينبغي أنْ يهتم به المسلمون كتربية الأولاد» فأعطِ الأمرَ قدرَه أيُّها الأبُ، متذكرًا أنَّ التربيةَ عملٌ شاقٌّ، تحتاج إلى جهدٍ كبير وذكاءٍ أكبر، وتتطلبُ متابعةً سبعةَ أيام في الأسبوع، وأربعًا وعشرين ساعة في اليوم!