«الجزيرة» - كتب - محمد المنيف:
«مؤسسة مسك الخيرية»، أنشاها ويرأس مجلس إدارتها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود الذي قال في مقدمة كلمته في صفحة المؤسسة (سنسعى من خلال مؤسسة مسك الخيرية إلى الأخذ بيد المبادرات والتشجيع على الإبداع، مشيرًا سموه إلى حرص القيادة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- على استثمار في رأس المال البشري بدعم وتوفير البيئة المناسبة له لينمو ويسهم في تمكين هذه البلاد الغالية من التقدم والتطور وأخذ الموقع المناسب لها الذي تستحقه) وبالفعل حققت المؤسسة وفي وقت قصير ما تحمله رسالتها وتجاوز عطاءها مكان ولادتها المملكة العربية السعودية إلى العالم من خلال تعدد فروع شجرتها لتشمل مختلف الروافد الإنسانية وصولاً إلى أحد أهدافها في تشجيع الإنتاج الثقافي على المستوى المحلي، وتعزيز الدبلوماسية الثقافية والتبادل المعرفي، من خلال (معهد مسك)، ببرامج منها إقامة معارض وفعاليات محلية ودولية، وتطوير شبكة تواصل للفنانين، وبرنامج لتعليم الفنون في المدارس والجامعات عبر جميع أنحاء المملكة. كما يسعى المعهد في استثمار وتنمية مهارات الفنانين الشباب وتطوير إمكاناتهم على المدى الطويل. محليًا ودوليًا إلى تحفيز المجتمع السعودي نحو حوار جديد داخله ومن ثم مع بقية المجتمعات حول العالم.
أول مشاركة لمعهد مسك في بينالي البندقية
وتتمثل ثمرة مشاركة (مؤسسة مسك الخيرية) عبر فرعها (معهد مسك) بجناح باسم المملكة العربية السعودية بمعرض بينالي البندقية في إيطاليا مع أكثر من ستين دولة، البينالي الذي يُعد من أعرق المعارض الأوروبية للفنون المعاصرة، نظرًا لما يشمله من تنوع لافت في أعمال التصميم والنحت والتشكيل والعمارة. وتُعد هذه أول مشاركة للمملكة في هذه التظاهرة العالمية.
مفهوم «العمارة السلمانية» ينهج المحافظة على الموروث
ويُشارك الجناح السعودي انطلاقًا من الموضوع الرئيسي لـ»بينالي البندقية للعمارة 2018»، وهو «المساحة الحرة»، بمعرض لمدة أربعة أشهر معتمدًا مفهوم «الفضاءات البينية»، مستعرضًا الطرق الحديثة في أدوات التصميم لتوظيف «المساحة الحرة» كما هو الحال في المدن الكبرى في الرياض مثلاً، وخصوصًا في أعوام السبعينيات والثمانينيات الميلادية. ويتتبع المعهد بهذا المفهوم «العمارة السلمانية» التي انتهجت المحافظة على الموروث الثقافي للمكان مستجيبة في الوقت ذاته لأطوار التحديث في العمران وباشتراطات الهويّة والإرث.
ويعرض الجناح السعودي الأعمال الفنية الفائزة بمسابقة خاصة تقدّم إليها أكثر من سبعين مشاركًا، وأشرفت عليها لجنة تحكيم ضمت لعضويتها القيّمتَيْن على الجناح وهما الدكتورة سمية السليمان والأستاذة جواهر السديري، وهي المشاركة الأولى لسيدتين سعوديتين في تظاهرة مماثلة، وتعود الأعمال الفائزة للمهندسَيْن المعماريَيْن عبد الرحمن قزاز وتركي قزاز.
وسوف يعقد معهد مسك للفنون برنامج تدريبي للشباب السعوديين في مجال الفنون البصرية والمعمارية خلال فترة المعرض، على أن يتم ترشيح شباب وشابات من السعودية بشكل دوري للالتحاق بهذا البرنامج، ومن ثم تمثيل الجناح السعودي في هذا الحدث الدولي.
وكان قد سبق هذه المرحلة النهائية الإعدادات التمهيدية للمشاركة بدايةً باجتماع فريق المعهد مع المهندسين المعماريين وفريق الإنتاج الدولي في «أرسنال البندقية»، ووضع أسس تعاون مع جامعتي «المعهد العالي للتصميم والعمارة في البندقية» و»كافوسكاري» لإعداد البرنامج التدريبي للمرشحات والمرشحين من المملكة، إضافة إلى الأعمال الأخرى المتعلقة بتجهيز الجناح.
ويُذكر أنّ لجنة المعرض اختارت موقعًا مميزًا للمشاركة السعودية، يعكس مكانة المملكة إقليميًا ودوليًا، وذلك في «أرسنال البندقية»، وهو المبنى الأبرز داخل منطقة البينالي، والذي كان يُعتبر مجمعًا لأحواض بناء السفن القديمة في مدينة البندقية. وسيجاور الجناح السعودي أجنحة الأرجنتين والإمارات العربية المتحدة والمكسيك.
وعن هذه الخطوة الرائدة المتمثلة في وجود المملكة لأول مرة في «بينالي البندقية للعمارة 2018» قال المدير التنفيذي لمعهد مسك للفنون أحمد ماطر: «تعتبر هذه التظاهرة الفريدة ثمرةَ تعاونٍ مشترك بين المعهد والمؤسسات الثقافية الدولية؛ فهذا التعاون الذي توصل إليه المعهد مؤخرًا، رغم حداثة نشأته، مع مؤسسة عالمية كبينالي البندقية وعمرها الممتد لأكثر من 120 عامًا، لهو تعاون مهم ودليل على أهمية الدور الذي تلعبه المملكة في المشهد الثقافي العالمي، ويتجلى ذلك عبر نوعية الأعمال المشاركة من الفنانين السعوديين، سواء القيّمتين على الجناح أو المهندسين المشاركين، وما ينقلونه من إبداعات تُواكب بجديّة الحركة الفنية العالمية المعاصرة في العمارة وغيرها». وكشف أنّ «نماذج التصاميم المعمارية المختارة للجناح السعودي تسعى لإظهار الحلول المناسبة لمعالجة تلك المساحات التي أدت في فترة من فترات التطور الحضري توسّع الضواحي السكنية المحيطة بالمدن، وما تبعه من تقدم في المراكز الحضرية السعودية بهجرة الريف وظهور مناطق سكنية كبيرة في جوانب المدن الكبرى، فوجدت أحياء معزولة وغير مترابطة».