رقية سليمان الهويريني
أضاف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان صفحة أخرى من المكارم لشعبه النبيل بإقرار نظام مكافحة جريمة التحرش؛ الذي يعد صيانة للمجتمع وحفظاً لخصوصية الأفراد وحريتهم الشخصية.
وجاء القرار شاملاً وليس مقصوراً على النساء فقط، بل حتى على الرجال والأطفال والقاصرين وذوي الاحتياجات الخاصة، والمتأخرين ذهنياً أو العاجزين جسدياً، ومن هم تحت تهديدٍ ما، وكل من وقع في قبضة معدومي المروءة.
ويتماهى النظام مع أحكام الشريعة الإسلامية، حيث لم يشرّع العلاقات المحرمة بين الجنسين ولم يبحها بالتراضي، كما تناوله بعض الوعاظ سابقاً وقاموا بحملة تحريضية واسعة ضده! وهو لا يهدف لتطبيق العقوبات على المتجاوزين فحسب، بل يسعى لمكافحة جريمة التحرش والحيلولة دون وقوعها، فضلاً عن حماية المجني عليه من خلال فرض عقوبات على الجاني تتضمن السجن أو الغرامات المالية أو كليهما.
ويأتي هذا القرار رداً على بعض المتشددين الذين يصرون على أن المرأة هي السبب الأول للتحرش، نتيجة لإغرائها الرجل وعدم احتشامها، فلا يملك نفسه فيضطر للتحرش بها! فقد جعلوا الرجل بمنأى عن العقوبة وكأنهم يبررون له شروعه بهذه الجريمة بدعوى التبرّج! والله تعالى أمر الرجل بغض البصر وعدم إطلاقه في النظر للحرمات قبل أن يأمر المرأة بالحشمة والستر! وهذا الرأي الأعوج يهدف لإبقاء المرأة بحالة خوف وهلع من المُتحرّش فتفضل عدم الخروج من بيتها نهائياً، وربطه بالتبرج يدل على قصر نظر بعيداً عن الشرع والإنسانية، كما أنه يربي الرجلَ ليكون عديمَ الخلق والأدب والمروءة.
والحق أن التحرش إحدى الممارسات الإرهابية في المجتمع والمُخِلِّة بالأمن؛ لذا كان لا بد من التدخل الحكومي والتعامل مع (الفاعل) بالحزم والعقاب والتشهير به، ومضاعفة العقوبة حال تكرارها بالاعتداء على حرمة الآخرين جسدياً أو لفظياً.
ويأتي إقرار هذا النظام ليعطي المرأة الثقة بنفسها والشعور بالأمن كي تتمكن من المضي في تحقيق أهدافها ومشاركاتها في تطوير نفسها ورقي وتقدم بلدها.