ياسر صالح البهيجان
اتجاه وزارتي المالية والإسكان نحو تعاون مشترك لوضع آلية تكفل اقتطاع جزء من مرتبات الموظفين الحكومين مقابل امتلاكهم لمنازل تليق بهم تعد خطوة رفيعة المستوى وتتماشى مع مطالب شعبية لضرورة تكامل جهود الجهات الحكومية بما يحقق مصالح المواطنين ويحل العديد من القضايا الاجتماعية العالقة بسبب تداخل الاختصاصات وعمل كل جهة بصفة مستقلة دون مراعاة اشتراطات الجهات الأخرى ذات العلاقة.
ورغم أهمية خطوة الوزارتين في زيادة نسبة المواطنين الممتلكين للسكن إلا أن اتفاقهما يحل جزءًا من المشكلة والمتمثلة في صعوبة الحصول على تمويل والضمانات المتعسرة التي تطلبها البنوك عادة للموافقة على التمويل العقاري، ولكن الإشكال الأكبر يكمن في مدى قدرة المطورين العقاريين على بناء وحدات سكنية بأسعار تلائم مرتبات الموظفين الحكومية، إذ لا جدوى من اتفاق استقطاع المرتب إن استمرجشع بعض المطورين وبقاء الأسعار متجاوزة حاجز المليون على مساحات لا تتعدى 300 متر.
تجربة إسكان معهد الإدارة والجامعات السعودية الكبرى كانت ناجحة بامتياز رغم أن مشكلتها كانت ترتبط بضرورة إخلاء المنزل بعد التقاعد لأنه بمثابة الإيجار، ولكن ماذا لو تولت كل جهة حكومية إنشاء مجمعات سكنية لمنسوبيها بهدف التملك، وتبدأ هي بتولي مهمة استقطاع المرتبات بنِسَب معقولة، وتحقق الربحية منها بهوامش منطقية، حيث ستتمكن من استرداد الأموال المنفقة، وتستثمر في القطاع العقاري بطريقة آمنة ومدروسة، وتزيد من أعداد المساكن المعروضة، وعندها ستجبر المطورين العقاريين على تخفيض الأسعار في ظل انخفاض مستوى الطلب.
وبما أن المرحلة الحالية تفرض على الجهات الحكومية إيجاد إيرادات مستدامة، فإنني أعتقد بأن الاتجاه نحو الاستثمار العقاري فرصة سانحة لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، وهذه المهمة تقع أولاً على وزارة المالية لإجراء دراسة مستفيضة تحدد في ضوئها الميزانيات الممنوحة للجهات تحت بند بناء المساكن، وتتولى مهمة متابعة إنفاقها وفق ضوابط واشتراطات ومعايير تشترك في وضعها وزارة الإسكان لضمان تحقيق الهدف المأمول وبما ينسجم مع المصالح الوطنية.