د. فوزية البكر
وافق مجلس الشوري السعودي الاثنين الماضي الموافق 28 مايو 2018 بأغلبية 80% من أعضائه على مشروع نظام لمكافحة التحرش بالمملكة في خطوة تؤكد تفاعل المجلس مع القضايا الجوهرية التي تعني بها الأمة والقيادة في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة من تاريخ المملكة التي تشهد تغيرات غير مسبوقة في نظمها الاجتماعية والثقافية والعدلية والتعليمية ستؤهلنا بإذن الله لنكون ضمن أهم دول العالم بما نملكه من إمكانات بشرية وطبيعية وبما يجعل من الضرورة إحداث تنظيمات أساسية تحفظ حقوق كافة الأطراف أثناء تواجدها في الفضاءات العامة أين كانت: امرأة، طفل، ذوي احتياجات خاصة، مراهق، شاب صغير ...الخ من الحالات التي قد تتعرض إلى أي نوع من أنواع التحرش بما يكفل صيانة خصوصية الإنسان وكرامته وحرياته الشخصية والعامة التي كفلتها الشريعة الإسلامية ونص عليها القانون الأساسي للدولة.
ويعرف النظام التحرش بأنه: كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي تصدر من شخص تجاه شخص آخر تمس جسده أو عرضه أو حياءه بأية وسيلة بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعية.
تأتي أهمية هذا النظام الذي أعدته وزارة الداخلية ورفع للمقام السامي كونه يسد ثغرة حقيقية في النظام كما ذكرت ذلك عضو مجلس الشورى د. الشعلان ويؤطر لمرحلة قادمة ستكون المرأة فيها مشاركا أساسيا في الحياة العامة إذ ستكون في سيارتها تقود وفي مكتبها تعمل وفي المتجر تتسوق أو تعمل أو هي تسير من بيتها لتركب القطار بما يعني ضرورة توفير الحماية لها ولجميع المواطنين أين كانوا وهو ما سيحقق الأمن العام ويؤكد سطوة النظام وأساسيته في كل تعاملات الدولة الحديثة.
يجدر بنا هنا أن نؤكد أن نظام مكافحة التحرش ليس قسرا علينا وخاصا بنا، ففي كل دول العالم يتم تبني شكل أو آخر من أشكال النظام الذي يحاول ردع المتطاولين سواء على النساء أو الأطفال أو القصر أو في دور الرعاية أو بأي شكل يظهر غير أننا هنا في المملكة ومما يبدو من مواد النظام المعلنة أننا تقدمنا خطوات على الكثير من دول العالم في تغليظ العقوبات على المتحرش بما يؤكد وضوح الدولة في حرصها على حفظ الأمن العام والخاص وإشعار الجميع بأنهم مواطنون آمنون في بيوتهم وأماكن عملهم وتسوقهم وحاراتهم ومدارسهم.
يروى أحد الباحثين الاجتماعيين من جامعة الملك سعود أنه تحدث مع إحدى الفتيات في مجمع السوق الشعبي في مدينة الرياض المعروف بأسواق طيبة حيث تفترش مئات من النساء الأرصفة بائعات لشتى أنواع الأطعمة والملابس والاكسسوارات ...الخ، فذكرت له إحداهن أنها فتاة تحمل درجة الماجستير في أحد التخصصات الأدبية ولم تعثر على عمل لكنها وجدت دخلا جيدا من خلال بيع بعض الساعات المقلدة والاكسسوارات لكن أكثر ما كان يضايقها ويخيفها هو التحرش بها من قبل البعض سواء زبائن أو أصحاب المحلات أو حتى العمالة الوافدة وبعض رجال القطاع العام وتمنت لو كان بيدها عقاب مناسب تلدغ به هؤلاء المتحرشين ونحن نقول لها اليوم: اطمئني أخيتي: نتمنى أن تجدي عملا أفضل في المستقبل لكن حتى الآن نبشرك بصدور النظام الذي سيردع كافة المتحرشين والذي يجب أن تحمله وتحفظه كل امرأة هو والنظام الأساسي للدولة داخل سيارتها ومكان عملها أو تضعه كلوحة على جدار مكتبها للتعريف وتخويف من لا تردعه أخلاقه ودينه.
هذا يدعونا كما دعا النظام كافة الجهات الحكومية والخاصة والقطاعات الأهلية والرعوية والتعليمية لعقد دورات مكثفة يتم فيها شرح مفهوم التحرش وأنواعه ودرجاته ليتحقق بذلك ليس فقط ضبط الأمن العام بالنظام ولكن خلق مفاهيم ثقافية واجتماعية جديدة تؤكد على حق حماية الفرد أين كان وأينما كان طالما هو مواطن على الأراضي السعودية.
شكراً لكم جميعاً: ملكاً ومجلس شورى ومؤسسات قضائية وتنفيذية في دفاعكم عن الحق وحرصكم على تطبيق المفاهيم الإسلامية الحقيقية في الحياة العامة وحفظ الحقوق وخاصة للضعفاء ولمن لا يستطيع الدفاع عن نفسه وهذه هي الحكمة من النظام. عاش هذا الوطن آمناً مستقراً.