سعد بن عبدالقادر القويعي
لم يكن مقبولاً، أن تتمسك الحكومة الألمانية بإكمال الاتفاق النووي الإيراني، على الرغم من ثبوت عدم التزام طهران ببنوده، وإصرارها على المضي في خطواتها؛ لامتلاك سلاح نووي، دون اعتبار للأدلة التي توافرت للمجتمع الدولي عن سعي طهران لامتلاك السلاح النووي؛ ليكون أداة إضافية لها في ضرب الاستقرار بالمنطقة، وتنفيذ مشروعها الطائفي البغيض في المنطقة؛ الأمر الذي أكدته مجلة « دير شبيجل « الألمانية - في عددها الأخير -، بأن السعودية بدأت حملة تأديب لألمانيا؛ والمتضمن أمراً بعدم ترسية أي عقود حكومية على الشركات التابعة لألمانيا؛ بسبب سياستها تجاه الشرق الأوسط، - إضافة - إلى ادعاء - وزير خارجية ألمانيا السابق - احتجاز السعودية - لرئيس الوزراء اللبناني - سعد الحريري، واتهامها للمملكة بخلق أزمة إنسانية في اليمن.
حتى كتابة هذه السطور، فإن الاقتصاد، والسياسة وجهان لعملة واحدة، بل إن الاقتصاد بالنسبة لبرلين، هو قلب السياسة، وبوصلتها الأساسية، وحيث أن التوتر السياسي المستمر من برلين تجاه الرياض لا يعطي ضوءا أخضر لمستقبل العلاقات الاقتصادية، - خصوصا - بعد أن بلغت نسبة التراجع 9 بالمائة مقابل حوالي 28 بالمائة عام 2016، وذلك حسب بيانات مؤسسة التجارة الخارجية الألمانية، وبذلك تدهورت قيمتها من نحو 10 مليارات يورو في عام 2015 إلى 7.2 مليار يورو - خلال العام الماضي - 2017. أما قيمة الورادات الألمانية من المملكة، فتراجعت في عام 2016 بنسبة قاربت الثلث، من 0.9 مليار يورو في عام 2015 إلى 0.6 مليارا في عام 2016. - وخلال العام الماضي - 2017 ساهم تحسّن أسعار مصادر الطاقة التي تشكل أهم الصادرات السعودية، وزيادة واردات ألمانيا من هذه المصادر إلى ارتفاع قيمتها مجددا لحوالي 0.8 مليار يورو؛ لتبقى رغم ذلك تحت مستوى عام 2015.
في هذا الإطار، ووفق استراتيجية واضحة، وليس مجرد اجتهادات شخصية، وجهود تقليدية لا قيمة لها، فإن حزم سلمان كان من أهم أدوات التحول السياسي للمملكة؛ إذ هو تمحور في الواقع حول عودة إطلالة المملكة العربية السعودية بقوة على السياسات الإقليمية في الشرق الأوسط، فلم يعد هناك مجال للتردد، أو الخوف من ردود الفعل الدولية؛ ولتعيد السعودية - نفسها - مجدداً، وبوصفها كقوة فاعلة، ومقررة للأمن في منطقة الشرق الأوسط؛ انطلاقا من محاور السياسة السعودية، بدءا من الثوابت، ومرورا بمواكبة المتغيرات الدولية، وانتهاء بانتهاج سياسة الحزم، - لاسيما - في المرحلة الراهنة التي تشهد العديد من التحولات الحرجة في المنطقة.