فهد بن جليد
الظهور على شاشة التليفزيون لم يعد كافيًا لوحده، لانتشار ونجاح الأعمال الدرامية في رمضان، فلا بد من الاستعانة بوسائل التواصل الاجتماعي لنشر تلك الأعمال، وتحفيز المتابعين للرجوع إليها في قنوات التخزين المباشرة (كاليوتيوب) أو المواقع الإلكترونية الخاصة بالقنوات لأسباب تسويقية أيضًا، هذه القناعة تتزايد أكثر فأكثر، رغم تأثيرها السلبي على المحتوى الجيد الذي لا يخدم (إنترنت) إن جاز لنا التعبير، مع تضاءل نسب المشاهدة العادلة التي يستحقها مباشرة عبر شاشة التليفزيون في عرضه الأول، وهو ما ينقل المنافسة إلى فضاء أرحب قد لا يكون نزيهًا بشكل دائم، بسبب الاعتماد على التضليل وترويج الحسابات الوهمية التي لا تعكس وجهة نظر المتلقي الحقيقي بالضرورة.
ما نشاهده اليوم من أعمال درامية سعودية في رمضان - لا أرى شخصيًا - أنَّها ما كنَّا نبحث عنه ونتمناه وننتظره على الصعيدين الفكري والبصري، خصوصًا لناحية التطور التقني والانتاجي المتاح للأعمال الفنية، بما يتناسب مع حجم الدعم الكبير والضخم - بعد ولادة SBC تحديدًا - فاستمرار مسلسل تراجع (القيمة والمعنى) الفنيين لبعض أعمال نجوم رمضان هذا العام، واجترار نجاحات سابقة وتكراراها بشكل لا يتناسب وذائقة العصر ونوعية الشريحة الأكبر من المتلقين الشباب، يتم إرجاعه - ككل مرة - للفقر الفني الذي نعيشه مع كذبة (أزمة النص) و(ضيق الوقت), بينما هذه شماعة يعلِّق عليها الجميع خيباتهم، لإخفاء حقيقة الطمع في الأرباح السريعة من بعض المنتجين، ومحاولة بعض الفنانين تعويض ما فات من السنين العجاف (بعوائد آنية)، والمصيبة عندما يكون أغلب الفنانين هم المنتجون أصلاً، وهو في النهاية ما لا يتناسب مع حجم الدعم الكبير والفرصة الذهبية التي فتحت أمام الجميع.
لا أعلم هل ألوم من قام بتعميد هذه الأعمال الباهتة والمليئة بالأخطاء وغير المقنعة حتى الآن؟ أم ألوم من أنتجها وسوَّقها بهذا الشكل؟ أم انتظر تحقق المزيد من الوعود بتغير شكل المنتج الفني والدرامي السعودي بعد الانتهاء من رمضان وظروفه الإنتاجية الخاصة؟ أرجو أن يتسع صدر القيمين على هذه المنتجات لمثل هذا الرأي والشفافية, وأن ينجحوا في محاولاتهم واختياراتهم القادمة في إرضاء ذائقة الجمهور وتقديم أعمال بالفعل ترقي لمستوى التحدي والطموح وتتناسب مع ما تشهده بلادنا من تطور وتجديد, فالشاشة والمنتج الفني والإعلامي السعودي جزء مهم من صورتنا التي نتخيلها ونتمناها ونسعى لتحقيقها، ولو بعمل سينمائي سعودي عالمي واحد في السنة مع عودة السينما, بدلاً من عشرات الأعمال المتناثرة هنا وهناك, والمكرَّرة التي (لم ينجح) منها أحد - برأيي-.
وعلى دروب الخير نلتقي.