هدى بنت فهد المعجل
(إن طاقة الحقد لن توصلك إلى مكان، لكن طاقة الصفح التي تتجلى في الحب، ستحول حياتك بشكلٍ إيجابي) باولو كويليو - الزهير.
أسير ورأي (باولو) جنبًا إلى جنب في أن الحقد طاقة آخذة في الاستشراء والتمدد ما لم نحاول تهدئتها وإطفاء نارها قبل أن تقضي على ما تبقى في جسد الحاقد، روحه، عقله، وحالته النفسية..!!
الحقد: حمل العداوة والبغضاء في القلب، والإنسان ينوء بحمل جسده المترهل، المكتنز بشحوم تراكمت في صدره، وعلى قلبٍ بحجم قبضة الكف!! فكيف به وهو يضطرم حقدًا تولد عنه حسد..!!
النار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله!!
والحاقد يأكل هدأة نفسه، اطمئنانه، راحته، هدأة باله ورضاه، فيضطرب كيمياء المخ لديه حتى تتداعى صحته ويعتريه القلق والأرق فلا يجد في الفراش دفئًا، أو للطعام لذة، أو للشراب رواء.
- في نطاق عملك، زميلك في حركة دؤوبة ونشاط مستمر وعطاء لا ينضب، ولأنك لست كذلك يعتري قلبك حقد؛ يتولد عنه الحسد فتصل ليلك بنهارك تفكر فيه، تدبر له مكائد عرقلته، متمنيًا له انتكاسة تحد من نشاطه، تقنن ذلك العمل الدؤوب وهذا العطاء. أو أنك تأسى على حالك..!! تصل ليلك بنهارك وقد اتقدت في داخلك طاقة الحقد دون أن تبلغ مكانًا وثيرًا تطمئن إليه وترتاح فيه روح نفسك وذهنك. فلا تنال من رتب الحياة عشر معشار مرتبة الأمان والاطمئنان..!!
لا يحمل الحقد من تسمو به الرتب «ولا ينال العلا من طبعه الغضب شتان بين هذا وذاك..» بين من قلبه معلق بالرتب..
من يتطلع للقمم.. يشتاق صعود الجبال، لا نجد في قلبه متسعًا للحقد!!
الحاقد: إنسان عاجز عن إثبات الذات.. عن النحت في الصخور.. فاشل في التطلع للمستقبل الزاهر.. متعثر في خطواته.. فكان أن مهد طريق العداوة والبغضاء إلى قلبه..
العدو لا تأمنه لو بعد حين «لو حلف بالبيت والركن اليمين الحقد والبغض في قلبه دفين» وإن ضحك بالوجه في قلبه غليل
قد نقرأ في عيون الحاقد حروف حقده، وربما تجرح أكف حين مصافحته لنا.
عين الحاقد قلما تكون صافية كالكأس الشفاف. الكأس الشفاف إن ترك عرضة للغبار غيّبت ذرات الغبار معالم شفافيته، بهت لمعان الكأس، اتسخ!! فمن تشتهي معدته تناول الماء العذب الصافي الرقراق من كأس ضيع الغبار معالمه؟!
الحقد أعمى.. وإذا انطلق رصاصه، انطلق دون أن نملك تحديد وجهته، وجهة الرصاص!
صوب أم، أو أب!؟ صوب أخت أو أخ، صوب صديق أو زوجة أو عزيز.
الحقد أعمى، ووجه الحاقد كقلبه أصفر شاحب اللون نظنه ناتجًا عن سوء التغذية! لكنه الحقد: ونحن ندرك غذاء القلب، ومن الغذاء: الرضا بما قسم الله له والقناعة أيضًا.
الرضا بوضعه المادي، الوظيفي، الطبقي.. قبل أن يترتب على ذلك عدم الرضا: حقد طبقي، وآخر طائفي نراه وقد تسبب في طحن الشعوب إبادتها والطعن في قوتها ومتانتها حتى الاهتراء.
أماه من بث بذر الحقد في وطني
وخط الرعب ذكرى الثأر في خلدي
من مزق الطفل أشلاء مبعثرة
من نضب القصف فوق الآل والولدِ
ليس سوى الحقد الطائفي، حقد الشعوب، وحبها للقتل والحرق والإبادة. طاقة الحقد توشك أن تصل بنا إلا إلى الهاوية، وهي قد حوّلت مجرى حياة البشر تحويلاً سلبيًا! ولن تتحول بشكلٍ إيجابي ما لم نذكِ طاقة الصفح التي تتجلى في الحب، الحب، الحب، ثم الحُب.