أمل بنت فهد
مواجهة الكيان المترابط أقرب للمستحيل، بل هو انتحار وتهور، وقبل أن يتفرق، ويدب الخلاف فيه، لا يمكن الوقوف في وجهه، وهذا ما حدث في أمكنة كانت يوماً ما، صرحاً شامخاً، لكن حين سمحت للعدو أن يسمم دواخلها، ويبث الفرقة والفتنة بين أهلها، أجهزت عليها الضربة الأخيرة، وعاشت شتاتاً ما بعده شتات، وتحتاج نصف عمرها لتعود للحياة من جديد، لكنها ستبدأ من الصفر، كأنها لم تكن يوماً، هذا إن استطاعت أن تتخلص من العصابات التي تكونت بعد التفكك، والدمار، وكيف لها أن تقاوم أطماع من تسببوا في تقطيعها، وتفكيك روابطها، وهي بهذا الضعف والتلاشي.
وإيران استخدمت ذات الطريقة مع كل دولة انهارت، نفس السيناريو، ونفس الإعداد، لذا فإن أصابع الاتهام تشير لذات العدو، عدو واحد، والأسلوب نفسه، والخطة كما هي، ورغم ذلك مرت بأكثر من مكان، وفعلت ما فعلت.
لكن عند السعودية توقفت محاولاتها، بل ارتدت عليها، وعاد إليها سوطها لتجلد ذاتها بنفسها، لأنها من الغباء، والجهل، أن صدقت نفسها، واعتقدت أنها ستمرر أجندتها، بنفس الطريقة مع السعودية!
حاولت بالموالين لها، وفشلت، حاولت باستغلال الجيران وفشلت، حاولت بالتباكي عند الغريب وفشلت، لأنها من الغباء لم تعرف السعودية، ولم تعرف أن السعودية لن تكتف برد شرها، بل سترده عليها، وستكشف شرها للعالم، ورقة ورقة، وما يحدث معها ليس إلا البداية، وهكذا تكون ضربة الكبار، موجعة، شجاعة، وجسورة.
إيران اليوم انتقلت من موقف المحرض، إلى موقف المدافع عن نفسه، تعيش أسوأ كابوس دولي، وتدهور اقتصادي، ومن جوفها صرخت الأصوات المعارضة، وحسابها سيكون بيد شعبها، وجيرانها، والمجتمع الدولي، فقدت الثقة الاقتصادية، وفقدانها يعني أن الفقر سينخر قواعدها، وما يحدث هو البداية، والقادم أكثر وجعاً، لأنها ستدفع الثمن، ثمن المؤامرات، وثمن شراء الذمم الرخيصة، وثمن الكذب، وثمن حلم التمدد الذي بلغ مداه، واليوم ينكمش إلى الحد الذي سيخنقها.
ولسوف يندم من يقف معها، ومن لايزال مضطراً للتظاهر بأنه معها، لأنها عار وشر، بنت أحلامها على تدمير الشعوب، وسفك الدماء، ومهما كبر حلم اللصوص، سوف يصطدم بالفرسان، وأهل النبل والشجاعة، وإن طالت زمانهم، فإنه ينتظرهم أضعافه من الثأر، بيد الشعب المسحوق، الشعب المذبوح، وقطيعة دولية ستترك إيران وحدها، لا تدري فيما تبدأ، بحماية نفسها من شعبها، أم بثأر من دمرتهم، أم بإخفاء ما بقي من أسرارها.
حتى وإن أعلنت توبتها، فمن سيصدق كذبها المتكرر، بل لم يعد لها توبة، ولا عودة، ستتجرع نفس الكأس المسموم الذي سقته غيرها.