فوزية الجار الله
يحدث كثيرًا أن أطلع على صورة غير مكتملة، ابتسامة بلا سبب أو دمعة حزينة لا أعرف صاحبها ولا أملك تفسيرًا لها، حكاية مجتزأة من هذا العالم ألملم فضولي وأتلهى بقراءة أخرى أكثر فائدة فلا شأن لي.. لكن وسط هذا الخضم يحدث أيضًا أن تلتقط عيناي مشهدًا مصورًا عبر لقطة فيديو ظهر عرضًا أثناء تصفحي لإحدى وسائل التواصل الاجتماعي.. يحدث أن يظهر لي مشهدًا طريفًا أو حزينًا أو مدهشًا يبدو مسليًا لا أكثر، لكن يحدث أيضًا أن تلتقط عيناي مشهدًا فظيعًا، مريعًا لا يحتمل ولم أتعمد مشاهدته..
وهذا ما حدث لي خلال الأيام القريبة الماضية وأثناء تصفحي ظهر لي مقطع مرعب لتعذيب طفلة، القائمة بالتعذيب امرأة متوحشة حيث كانت تمسك بطفلة شبه عارية لم تتجاوز الثالثة أو الرابعة من عمرها بين يديها، كان بكاء الطفلة واضحًا رغم ضعفه لشدة ما يحدث لها، بدت الطفلة مثلما أرنب مذعور يعد للذبح والسلخ أو دجاجة تعالج بالذبح والنتف قبل التهامها.. كان التعذيب وحشيًا بمعنى الكلمة لا يمكن وصفه، بل على الأصح لا أود استعادته إطلاقًا عبر ذاكرتي، لكنني قرأت ملامح من تعليق الشخص القائم بنشر لقطة الفيديو وهو يقول: أنا مريض من هذه «الكلبة» التي تعذب هذه الطفلة والذي يقوم بالتصوير شريكها في الجريمة.. - عذرًا لإعادة الوصف لكن هذا أقل وصف تستحقه المرأة - وبحركة عفوية بسيطة اختفت لقطة الفيديو بعد أن أثارت في داخلي كمًا هائلاً من الغضب والألم والحزن على ما يحدث لهذه الطفلة، عبثًا أبحث عن لقطة الفيديو بعد ذلك، وربما لم أبحث جيدًا فالمشاهدة بحد ذاتها قاتلة.. حقيقة لا أعلم عن تاريخ الحادثة ولا عن موقعها في العالم العربي، حيث بدت المرأة عربية وما هو الإجراء الذي تم حيالها، لكنني تمنيت أن تنال هذه المرأة ومن شاركها بالتصوير أقصى العقوبات، غالبًا من يقوم بتعذيب طفل صغير بريء إما زوجة أب مضطربة نفسيًا وأحيانًا قد يكون القائم بالتعذيب هما الأبوان أو أحدهما بسبب تعاطي المخدرات أو لاضطرابهما نفسيًا لسبب أو آخر.
المشهد حرضني للتساؤل ما الذي فعلناه لأطفالنا لحمايتهم من العنف من أبسط حالاته ودرجاته حتى أعلاها؟! وهل يتم التبليغ عن كافة حالات العنف أولاً بأول وهل يتم معالجتها بالشكل الصحيح؟!
حبذا لو تمت متابعة أحوال الأطفال منذ خروجهم إلى الحياة للتأكد من توفير العناية المناسبة لهم من قبل ذويهم أو القائمين على تربيتهم مثلما يحدث من قبل بعض المنظمات في بريطانيا على سبيل المثال حيث تتم متابعة الطفل منذ خروجه رضيعًا من المستشفى للتأكد من حسن رعايته حتى بلوغه والتحاقه بالحضانة ومن ثم المدرسة.