د.ثريا العريض
حين نتأمل مؤسساتنا التعليمية، وعلاقتها بالمجتمع بمنطلق تخصص تربوي, نجد نواحي قصور، يشكو منها الجميع. وهناك توتر ملحوظ له أسبابه:
1- ليس هناك مجالات ترفيه مقننة، تمتص الطاقة السلبية.
2- ليس هناك في العملية التعليمية ما يجذب الطلاب لحب هذا التفاعل؛ إذ لا يجدون متعة فيه. سبب انعدام جانب الاستمتاع أننا ننظر إليه كـ»تعليم»، وليس كـ»تعلُّم»، أي أن الطالب طرف سلبي، يتلقى ويحفظ ببغائيًّا.
3- المناهج جافة تلقينية، وتفتقد الارتباط العملي بالحياة اليومية وبمؤسسات المجتمع.
4- التركيز على الحفظ الببغائي يعني أن الجانب التطبيقي مهمش إن لم يكن معدومًا.
5- المحتوى لا يناسب الزمن، وليس هناك ترفيه مدروس ومقنن.. ولكن الحاجة للترفيه غريزة بشرية منذ أيام الرسم الفردي على جدران الكهوف، ومباريات الفتوة، ورقص الاحتفالات البدائية الجماعية.
باختصار، ليس هناك تناسق بين محتوى المنهج والعالم خارج جدران المدرسة وسبورة الفصل.
وزارة التعليم تبذل جهودًا واضحة في استحداث نقلة نوعية ملموسة, ومساعيها في محاولة معالجة الأوضاع أكاديميًّا ومهنيًّا واضحة لكل متابع حيادي.. ولكن - كما ذكرت في حوارنا الأسبق - «يد واحدة لا تصفق» حتى لو كانت يد الإدارة العليا التي تتخذ القرار، وترسم الخطط الاستراتيجية مطلعة على منجزات غيرنا في العالم الأكثر تقدمًا, وراغبة في إحداث قفزات نوعية وتغيرات جذرية، تحمل المدارس وتحصيل الطلاب والطالبات علميًّا ومعرفيًّا إلى المستوى المرغوب المتطلع إليه. لا بد من إقناع واقتناع كل الأطراف المعنية: المشرفين والمدرسين وأولياء الأمور والطلاب.. وتعاونهم بتفهم وقبول ضرورة تغيير المعادلة على أرض الواقع, وتقويم التعامل القائم. ولن يكون الحل من باب التقليد لمناهج أي دولة أخرى دون تمحيص لتخيُّر المحتوى المناسب لأهدافنا التعليمية الخاصة.
هناك الآن مع رؤية 2030 فرصة رائعة لتصحيح الوضع.
أقترح, وأرجو أن تؤخذ المقترحات بعين الاهتمام من صانع القرار:
1- أن يضاف للمنهج مواد اختيارية، تتماشى مع ميول الطالب أو الطالبة، وتتيح لهم فرصة إشباع الرغبات الفردية.
2- أن يضاف لمواد المنهج النظرية تطبيقات ميدانية عملية، كالزيارات للمرافق الثقافية والمعامل والمصانع والمواقع التاريخية ومؤسسات الخدمة الاجتماعية.
3- أن يكون تركيز محتوى الاختبارات لقياس القدرة على التطبيق، وليس القدرة على استرجاع المعلومة حرفيًّا.
4- أن تكون هناك نشاطات تفرغ الطاقة الجسدية, وتمنع من تحوُّلها إلى تراكم ضاغط سلبي الأثر.
5- أن تكون هناك نسبة كافية من النشاطات الفكرية المحفزة، توجه الطاقة الذهنية فيما يفيد، كالابتكارات والاختراعات العلمية, بعيدًا عن الحشو السلبي كما في الشحن بتفاصيل توجيهات جانبية، خاصة المؤدلجة.
6- أن تزاد نسبة النشاطات الإبداعية والفنية والرياضية، وتُقنن؛ لتقدم فرصًا للتنافس والتألق الفردي؛ إذ إن تحقيق الذات, عبر التفرد والتميز, من الدوافع الغريزية في الكائن الذكي.
7- أن يستخدم الكمبيوتر في التواصل بصورة تستفيد من التقنية؛ للوصول إلى مراجع المعلومة, وبين المعلم والطلبة لتقديم الواجبات..
لا بد من قفزات نوعية؛ لتواكب أحوال مدارسنا سرعة تقدُّم العالم من حولنا.